اقتضى الترتّب الاشتغال بالمهم حين الاشتغال بالأهم لزم أن يكون ما هو العلّة للعدم علّة للوجود.
وأما ثالثا : فللزوم أن يكون ضدّ ما هو الشرط شرطا للمشروط لأن وجوب المهم مشروط بترك الأهم ، فلو اقتضى فعليّة خطابه طلب فعله مع الأهم ، فيقتضي أن يكون فعليّته مشروطا بضدّ ما هو شرطه وهو فعل الأهم.
وبعبارة أخرى : لزوم الاشتغال بالمهم مع الاشتغال بالأهم أي إتيانهما معا في زمان واحد إما مع تحقق موضوعه ، وإما مع عدمه ، فلو كان مع تحقق موضوعه فهو يقتضي عدم الاشتغال بالأهم لأن موضوع المهم يتحقق في حال الخلوّ عن الأهم فكيف يقتضي الاشتغال بالأهم أيضا ، ولو كان بلا تحقق موضوعه فيلزم أن يكون الشيء مع علّة عدمه.
إذا عرفت ذلك ظهر أنّ الإلزام بالجمع لا ينشأ إلا من إطلاق الخطابين أو من تصريح المتكلّم باتيان واحد منهما مع الآخر ، وأما فعليّة الخطابين فعلى غير نحو الترتّب فهو كالإطلاق فلو أمكن الاشتغال لكليهما ـ كالصوم والصلاة ـ فهو وإلا يقع بينهما التزاحم فيسقطان.
وأما بنحو الترتّب فلا يقتضي إلا طلب الفعلين في زمان واحد لا الاشتغال بهما لكونه محالا في زمان واحد ونفس الطلب المتعلّق بفعلين بنحو الترتّب لا يقتضي إلا ضدّ الإلزام بالجمع وهو الاشتغال بالأهم أولا ولولاه فالاشتغال بالمهم فلا ينتج طلب الفعلين في زمان واحد بنحو الترتّب إلا خلوّ المكلّف عن الاشتغال بكليهما وعدم خلوّه بالاشتغال