وثانيا :
نمنع كون المراد بالنيّة هو قصد القربة إذ المقصود من لفظ «النيّة» عرفا ولغة ليس إلا مجرّد القصد إلى الفعل ولا دليل على انّ المراد في المقام هو قصد القربة غاية ما في الباب دلالة حينئذ على اعتبار قصد العنوان في العمل ، فما لم يتحقق قصد الفاعل إلى عنوان الفعل فلا يصحّ رجوع النفي إلى الذات ، فلا بدّ أن يحمل العمل إلى الأفعال الاختياريّة من حيث أنها اختياريّة والإرادة ، ومع تعدد العناوين يكفي إذا كان أحدهما مقصودا بوقوع الفعل الاختياري ، فتحمل الرواية على الفعل الاختياري بعنوانه الاختياري غير واقع إلا بالقصد إلى ذلك العنوان هذا ما يقتضيه قواعد اللغة.
وأما ما يمكن استظهاره من الرواية فهو ما عرفت من أن المراد بها خصوص الأفعال ، ويدل على اعتبار القربة فيها فلا دلالة فيها على المطلوب بوجه ، على انه لو حمل على ما زعم يلزم تخصيص بشنيع ولا يكاد يلتزم به من له ذو مسكة ، فالأمر دائر بين التصرّف في الرواية بأحد الوجوه المذكورة ونحن لو لم ندع ظهور الاحتمال الأخير لا نسلم ظهورها في غيره ، فلا وجه للاستدلال لمكان الإجمال.
وأما قوله : «وإنما الأعمال بالنيّات» فقد ادّعى تواتره لفظا إلا بعض أصحابنا على ما حكى قال باتصال اسناده إلى الخليفة الثاني ، ، وكيف كان فهو بمنزلة أن يقال : كل عمل بالنيّة وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا : كل ما ليس متلبّسا بالنيّة ليس بعمل ، فتكون مفادّها مفاد