لا تنبغي العبادة إلا له ، وأنكم ناقصون من كل وجه.
[٦٨] (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) أي : هو المنفرد بالإحياء والإماتة ، فلا تموت نفس بسبب أو بغير سبب ، إلا بإذنه. (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ). (فَإِذا قَضى أَمْراً) جليلا أو حقيرا (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) لا رد في ذلك ، ولا مثنوية ، ولا تمنع.
[٦٩ ـ ٧٢] (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) الواضحة البينة متعجبا من حالهم الشنيعة. (أَنَّى يُصْرَفُونَ) أي : كيف ينعدلون عنها؟ وإلى أي شيء يذهبون بعد البيان التام؟ هل يجدون آيات بيّنات تعارض آيات الله؟ لا والله. أم يجدون شبها توافق أهواءهم ، ويصولون بها ، لأجل باطلهم؟ فبئس ما استبدلوا واختاروا لأنفسهم ، بتكذيبهم بالكتاب ، الذي جاءهم من الله ، وبما أرسل الله به رسله ، الذين هم خير الخلق وأصدقهم ، وأعظمهم عقولا. فهؤلاء لا جزاء لهم سوى النار الحامية ، ولهذا توعدهم الله بعذابها فقال : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) التي لا يستطيعون معها حركة. (وَالسَّلاسِلُ) التي يقرنون بها ، هم وشياطينهم (يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ) أي : الماء الذي اشتد غليانه وحره. (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) يوقد عليهم اللهب العظيم ، فيصلون بها ، ثم يوبخون على شركهم وكذبهم.
[٧٣ ـ ٧٤]. (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) هل نفعوكم ، أو دفعوا عنكم بعض العذاب؟ (قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) أي : غابوا ولم يحضروا ، ولو حضروا لم ينفعوا ثم إنهم أنكروا فقالوا : (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ) يحتمل أن مرادهم بذلك ، الإنكار ، وظنوا أنه ينفعهم ويفيدهم. ويحتمل ـ وهو الأظهر ـ أن مرادهم بذلك ، الإقرار على بطلان إلهية ما كانوا يعبدون ، وأنه ليس لله شريك في الحقيقة ، وإنما هم ضالون مخطئون ، بعبادة معدوم الإلهية. ويدل على هذا قوله تعالى : (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) أي : كذلك الضلال ، الذي كانوا عليه في الدنيا ، الضلال الواضح لكل أحد ، حتى إنهم بأنفسهم ، يقرون ببطلانه يوم القيامة. ويتبين لهم معنى قوله تعالى : (وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) ويدل عليه قوله تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) الآيات.
[٧٥ ـ ٧٦] ويقال لأهل النار (ذلِكُمْ) العذاب ، الذي نوع عليكم (بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) أي : تفرحون بالباطل الذي أنتم عليه ، وبالعلوم التي خالفتم بها علوم الرسل. وتمرحون على عباد الله ، بغيا ، وعدوانا ، وظلما ، وعصيانا ، كما قال تعالى في آخر هذه السورة. (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ). وكما قال قوم قارون له : (لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ). وهذا هو الفرح المذموم الموجب للعقاب. بخلاف الفرح الممدوح الذي قال الله فيه : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) وهو الفرح بالعلم النافع ، والعمل الصالح. (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) كل بطبقة من طبقاتها ، على قدر عمله. (خالِدِينَ فِيها) لا يخرجون منها أبدا (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ). مثوى يخزون فيه ، ويهانون ، ويحبسون ، ويعذبون ، ويترددون بين حرها وزمهريرها.
[٧٧] أي : (فَاصْبِرْ) يا أيها الرسول ، على دعوة قومك ، وما ينالك منهم ، من أذى. واستعن على صبرك