ـ (ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ). بل الآن ، استوى علمي وعلمكم ، لما أنذرتكم ، وحذرتكم ، وأعلمتكم بمآل الكفر ، ولم أكتم عنكم شيئا. (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) أي : من العذاب لأن علمه عند الله ، وهو بيده ، ليس لي من الأمر شيء.
[١١١] (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) (١١١) أي : لعل تأخير العذاب الذي استعجلتموه ، شر لكم ، وإن تتمتعوا في الدنيا إلى حين ، ثم يكون أعظم لعقوبتكم.
[١١٢] (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) أي : بيننا وبين القوم الكافرين ، فاستجاب الله هذا الدعاء ، وحكم بينهم في الدنيا قبل الآخرة ، بما عاقب الله به الكافرين من وقعة «بدر» وغيرها. (وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) أي : نسأل ربنا الرحمن ، ونستعين به على ما تصفون ، من قولكم ؛ سنظهر عليكم ، وسيضمحل دينكم ، فنحن في هذا ، لا نعجب بأنفسنا ، ولا نتكل على حولنا وقوتنا ، وإنما نستعين بالرحمن ، الذي ناصية كل مخلوق بيده ، ونرجوه أن يتم ما استعنا به ، من رحمته ، وقد فعل ، ولله الحمد. تم تفسير سورة الأنبياء ، ولله الحمد والمنة.
تفسير سورة الحج
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ) يخاطب الله الناس كافة ، بأن يتقوا ربهم ، الذي رباهم بالنعم الظاهرة والباطنة ، فحقيق بهم ، أن يتقوه ، بترك الشرك ، والفسوق ، والعصيان ويمتثلوا أوامره ، مهما استطاعوا. ثم ذكر ما يعينهم على التقوى ، ويحذرهم من تركها ، وهو : الإخبار بأهوال القيامة ، فقال : (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) لا يقدر قدره ، ولا يبلغ كنهه ، ذلك بأنها إذا وقعت الساعة ، رجفت الأرض ، وزلزلت زلزالها ، وتصدعت الجبال ، واندكت ، وكانت كثيبا مهيلا ، ثم كانت هباء منبثا ، ثم انقسم الناس ثلاثة أزواج. فهناك تنفطر السماء ، وتكور الشمس والقمر ، وتنتثر النجوم ، ويكون من القلاقل والبلابل ، ما تنصدع له القلوب ، وتوجل منه الأفئدة ، وتشيب منه الولدان ، وتذوب له الصم الصلاب.
[٢] ولهذا قال : (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) مع أنها مجبولة على شدة محبتها لولدها ، خصوصا في هذه الحال ، التي لا يعيش إلا بها. (وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) من شدة الفزع والهول. (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى) أي : تحسبهم ـ أيها الرائي لهم ـ سكارى من الخمر ، وليسوا سكارى. (وَلكِنَ