سورة الفلق
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] أي : (قُلْ) متعوذا (أَعُوذُ) ، أي : الجأ ، وألوذ ، وأعتصم (بِرَبِّ الْفَلَقِ) ، أي : فالق الحب والنوى ، وفالق الإصباح.
[٢] (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) (٢) وهذا يشمل جميع ما خلق الله ، من إنس ، وجن ، وحيوانات ، فيستعاذ بخالقها من الشر الذي فيها.
[٣] ثم خص بعد ما عمّ ، فقال : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ) (٣) ، أي : من شر ما يكون في الليل ، حين يغشى النعاس ، وينتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة ، والحيوانات المؤذية.
[٤] (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) (٤) ، أي : ومن شر السواحر ، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد ، التي يعقدنها على السحر.
[٥] (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) (٥) ، والحاسد : هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها ، بما يقدر عليه من الأسباب. فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره ، وإبطال كيده. ويدخل في الحاسد ، العاين ؛ لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع ، خبيث النفس. فهذه السورة تضمنت الاستعاذة ، من جميع أنواع الشرور ، عموما وخصوصا. ودلّت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره ، ويستعاذ بالله منه ، ومن أهله.
تفسير سورة الناس
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٦] وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم من الشيطان ، الذي هو أصل الشرور كلها ومادّتها ، الذي من فتنته وشره أنه يوسوس في صدور الناس ، فيحسن لهم الشر ، ويريهم إياه في صورة حسنة ، وينشط إرادتهم لفعله. ويثبطهم عن الخير ، ويريهم إياه في صورة غير صورته. وهو دائما بهذه الحال ، يوسوس ثم يخنس ، أي : يتأخر عن الوسوسة ، إذا ذكر العبد ربه ، واستعان على دفعه. فينبغي له أن يستعين ويستعيذ ، ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم. وأن الخلق كلهم ، داخلون تحت الربوبية والملك ، فكل دابة هو آخذ بناصيتها. وبألوهيته التي خلقهم لأجلها ، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم ، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ، ويحول بينهم وبينها ، ويريد أن يجعلهم من حزبه ، ليكونوا من أصحاب السعير. والوسواس كما يكون من الجن ، يكون من الإنس. ولهذا قال : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) (٦). والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا. تم تفسير سورة الناس ـ ولله الحمد والمنة.