[٦٧] (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) وهو ما هم عليه من الشرك ، والأقوال ، والأفعال الباطلة. (وَبِنِعْمَةِ اللهِ) هم (يَكْفُرُونَ) فأين ذهبت عقولهم ، وانسلخت أحلامهم حيث آثروا الضلال على الهدى ، والباطل على الحق ، والشقاء على السعادة ، وحيث كانوا أظلم الخلق.
[٦٨] (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فنسب ما هو عليه من الضلال والباطل ، إلى الله. (أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ) على يد رسوله محمد صلىاللهعليهوسلم. ولكن هذا الظالم العنيد ، أمامه جهنم (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) يؤخذ بها منهم الحقّ ، ويخزون بها ، وتكون منزلهم الدائم ، الذي لا يخرجون منه.
[٦٩] (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا) وهم الّذين هاجروا في سبيل الله ، وجاهدوا أعداءهم ، وبذلوا مجهودهم في اتباع مرضاته. (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) أي : الطرق الموصلة إلينا ، وذلك ، لأنهم محسنون. (وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) بالعون ، والنصر ، والهداية. دل هذا ، على أن أحرى الناس بموافقة الصواب ، أهل الجهاد. وعلى أن من أحسن فيما أمر به ، أعانه الله ، ويسر له أسباب الهداية. وعلى أن من جد واجتهد في طلب العلم الشرعي ، فإنه يحصل له من الهداية ، والمعونة على تحصيل مطلوبه ، أمور إلهية ، خارجة عن مدرك اجتهاده ، وتيسر له أمر العلم. فإن طلب العالم الشرعي ، من الجهاد في سبيل الله ، بل هو أحد نوعي الجهاد ، الذي لا يقوم به إلا خواص الخلق ، وهو الجهاد بالقول واللسان ، للكفار والمنافقين. والجهاد على تعليم أمور الدين ، وعلى رد نزاع المخالفين للحق ، ولو كانوا من المسلمين.
تم تفسير سورة العنكبوت.
تفسير سورة الرّوم
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٣] كانت الفرس والروم ، في ذلك الوقت ، من أقوى دول الأرض. وكان يكون بينهما من الحروب والقتال ، ما يكون بين الدول المتوازنة. وكانت الفرس مشركين ، يعبدون النار. وكانت الروم أهل كتاب ، ينتسبون إلى التوراة والإنجيل ، وهم أقرب إلى المسلمين من الفرس ، فكان المسلمون يحبون غلبتهم ، وظهورهم على الفرس. وكان المشركون ، لاشتراكهم والفرس في الشرك ، يحبون ظهور الفرس على الروم. فظهر الفرس على الروم ، وغلبوهم غلبا لم يحط بملكهم ، بل أدنى أرضهم. ففرح بذلك مشركو مكة ، وحزن المسلمون ، فأخبرهم الله ووعدهم أن الروم ستغلب الفرس.