ينظرون ، وأن لها فصيلا حين عقروها ، رغى ثلاث رغيات ، وانفلق له الجبل ،
ودخل فيه ، وأن صالحا عليهالسلام قال لهم : آية نزول العذاب بكم ، أن تصبحوا في اليوم
الأول من الأيام الثلاثة ووجوهكم مصفرة ، واليوم الثاني : محمرة ، والثالث : مسودة
، فكان كما قال. هذا من الإسرائيليات التي لا ينبغي نقلها في تفسير كتاب الله ،
وليس في القرآن ما يدل على شيء منها ، بوجه من الوجوه ، بل لو كانت صحيحة ، لذكرها
الله تعالى ، لأن فيها من العجائب والعبر والآيات ، ما لا يهمله تعالى ، ويدع ذكره
، حتى يأتي من طريق من لا يوثق بنقله. بل القرآن يكذب بعض هذه المذكورات ، فإن
صالحا قال لهم : (تَمَتَّعُوا فِي
دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) أي : تنعموا وتلذذوا بهذا الوقت القصير جدا ، فإنه ليس
لكم من المتاع واللذة ، سوى هذا. وأي لذة وتمتع ، لمن وعدهم نبيهم وقوع العذاب ،
وذكر لهم وقوع مقدماته ، فوقعت يوما فيوما ، على وجه يعمهم ويشملهم لأن احمرار
وجوههم واصفرارها واسودادها من العذاب. هل هذا إلا مناقض للقرآن ، ومضاد له؟.
فالقرآن ، فيه الكفاية والهداية ، عن ما سواه. نعم لو صح شيء عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، مما لا يناقض كتاب الله ، فعلى الرأس والعين ، وهو
مما أمر القرآن باتباعه (وَما آتاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا). وقد تقدم أنه لا يجوز تفسير كتاب الله بالأخبار
الإسرائيلية ، ولو على تجويز الرواية عنهم ، بالأمور التي لا يجزم بكذبها ، فإن
معاني كتاب الله ، يقينية ، وتلك أمور ، لا تصدق ولا تكذب ، فلا يمكن اتفاقهما.
[٨٠] أي : (وَ) اذكر عبدنا (لُوطاً) عليه الصلاة والسّلام ، إذ أرسلناه إلى قومه ، يأمرهم
بعبادة الله وحده ، وينهاهم عن الفاحشة ، التي ما سبقهم بها أحد من العالمين ، (قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ
الْفاحِشَةَ) أي : الخصلة التي بلغت ـ في العظم والشناعة ـ إلى أن
استغرقت أنواع الفحش. (ما سَبَقَكُمْ بِها
مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) فكونها فاحشة من أشنع الأشياء ، وكونهم ابتدعوها ، وابتكروها
، وسنوها لمن بعدهم ، من أشنع ما يكون أيضا.
[٨١] ثمّ
بيّنها بقوله : (إِنَّكُمْ
لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) أي : كيف تذرون النساء ، التي خلقهن الله لكم ، وفيهن
المستمتع الموافق للشهوة والفطرة ، وتقبلون على أدبار الرجال ، التي هي غاية ما
يكون في الشناعة والخبث ، وهي تخرج منه الأنتان والأخباث ، التي يستحيي من ذكرها
فضلا عن ملامستها وقربها. (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ
مُسْرِفُونَ) أي : متجاوزون لما حده الله متجرئون على محارمه.
[٨٢] (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ
قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) (٨٢) أي : يتنزهون عن فعل الفاحشة. (وَما نَقَمُوا
مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (٨).
[٨٣] (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا
امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (٨٣) أي : الباقين المعذبين ، أمره الله أن يسري بأهله ليلا ، فإن العذاب
مصبح قومه ، فسرى بهم ، إلا امرأته أصابها ما أصابهم.
[٨٤] (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً) أي : حجارة حارة شديدة ، من سجيل ، وجعل الله عاليها
سافلها ، (فَانْظُرْ كَيْفَ
كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) الهلاك والخزي الدائم.