والناقة ، للناقة يوم تشربها ، ويشربون اللبن من ضرعها ، ولهم يوم ، يردونها ، وتصدر الناقة عنهم. وقال لهم نبيهم صالح عليهالسلام (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) فلا عليكم من مؤونتها شيء ، (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) أي : بعقر أو غيره ، (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
[٧٤] (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ) في الأرض تتمتعون بها وتدركون مطالبكم (مِنْ بَعْدِ عادٍ) الذين أهلكهم الله ، وجعلكم خلفاء من بعدهم ، (وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) أي : مكن لكم فيها ، وسهل لكم الأسباب الموصلة إلى ما تريدون وتبتغون. (تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً) أي : من الأراضي السهلة ، التي ليست بجبال ، (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً) كما هو مشاهد إلى الآن ، من آثارهم التي في الجبال ، من المساكن والحجر ونحوها ، وهي باقية ما بقيت الجبال. (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) أي : نعمه ، وما خولكم من الفضل والرزق والقوة ، (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) أي : لا تخربوا في الأرض ، بالفساد والمعاصي ، فإن المعاصي ، تدع الديار العامرة ، بلاقع وقد أخليت ديارهم منهم ، وأبقيت مساكنهم ، موحشة بعدهم.
[٧٥] (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) أي : الرؤساء والأشراف ، الذين تكبروا عن الحق ، (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) ولما كان المستضعفون ، ليسوا كلهم مؤمنين ، قالوا : (لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) ، أي : أهو صادق أم كاذب؟ فقال المستضعفون : (إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) من توحيد الله ، والخبر عنه ، وأمره ونهيه.
[٧٦] (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٧٦) حملهم الكبر على أن لا ينقادوا للحق ، الذي انقاد له الضعفاء.
[٧٧] (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ) التي توعدهم إن مسوها بسوء ، أن يصيبهم عذاب أليم. (وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) أي : قسوا عنهم ، واستكبروا عن أمره الذي من عتا عنه ، أذاقه العذاب الشديد. لا جرم ، أحل الله بهم من النكال ، ما لم يحل بغيرهم. (وَقالُوا) مع هذه الأفعال ، متجرئين على الله ، معجزين له ، غير مبالين بما فعلوا ، بل مفتخرين به :
(يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا) من العذاب (إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ، فقال : (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ).
[٧٨ ـ ٧٩] (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) على ركبهم ، قد أبادهم الله ، وقطع دابرهم.
(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ) صالح عليهالسلام ، حين أحل الله بهم العذاب ، (وَقالَ) مخاطبا لهم ، توبيخا وعتابا ، بعد ما أهلكهم الله : (يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) أي : جميع ما أرسلني الله به إليكم ، قد أبلغتكم به ، وحرصت على هدايتكم ، واجتهدت في سلوككم الصراط المستقيم ، والدين القويم. (وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) ، بل رددتم قول النصحاء ، وأطعتم كل شيطان رجيم. واعلم أن كثيرا من المفسرين يذكرون في هذه القصة ، أن الناقة قد خرجت من صخرة صماء ملساء ، اقترحوها على صالح ، وأنها تمخضت تمخض الحامل ، فخرجت الناقة ، وهم