محمد صلىاللهعليهوسلم. (وَيُونُسَ) بن متى (وَلُوطاً) بن هاران ، أخي إبراهيم. (وَكلًّا) من هؤلاء الأنبياء والمرسلين (فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) لأن درجات الفضائل أربع ـ وهي التي ذكرها الله بقوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ). فهؤلاء من الدرجة العليا ، بل هم أفضل الرسل على الإطلاق. فالرسل الّذين قصهم الله في كتابه ، أفضل ممن لم يقصص علينا نبأهم بلا شك.
[٨٧] (وَمِنْ آبائِهِمْ) أي : آباء هؤلاء المذكورين (وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ) أي : وهدينا من آباء هؤلاء وذرياتهم وإخوانهم. (وَاجْتَبَيْناهُمْ) أي : اخترناهم (وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
[٨٨ ـ ٨٩] (ذلِكَ) الهدى المذكور (هُدَى اللهِ) الذي لا هدى إلا هداه. (يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) فاطلبوا منه الهدى فإن لم يهدكم. فلا هادي لكم غيره ، وممن شاء هدايته ، هؤلاء المذكورون. (وَلَوْ أَشْرَكُوا) على الفرض والتقدير (لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ). فإن الشرك محبط للعمل ، موجب للخلود في النار. فإذا كان هؤلاء الصفوة والأخيار ، لو أشركوا ـ وحاشاهم ـ لحبطت أعمالهم ، فغيرهم أولى.
[٩٠] (أُولئِكَ) المذكورون (الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) أي : امش ـ أيها الرسول الكريم ـ خلف هؤلاء الأنبياء الأخيار ، واتبع ملتهم. وقد امتثل صلىاللهعليهوسلم ، فاهتدى بهدى الرسل قبله ، وجمع كل كمال فيهم. فاجتمعت لديه ، فضائل وخصائص ، فاق بها جميع العالمين ، وكان سيد المرسلين ، وإمام المتقين ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين. وبهذا الملحظ ، استدل بهذا من استدل من الصحابة ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أفضل الرسل كلهم. (قُلْ) للذين أعرضوا عن دعوتك : (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) أي : لا أطلب منكم مغرما ومالا ، جزاء عن إبلاغي إياكم ، ودعوتي لكم فيكون من أسباب امتناعكم ، إن أجري إلا على الله. (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) يتذكرون به ما ينفعهم فيفعلونه ، وما يضرهم ، فيذرونه. ويتذكرون به ، معرفة ربهم ، بأسمائه ، وأوصافه. ويتذكرون به الأخلاق الحميدة ، والطرق الموصلة إليها ، والأخلاق الرذيلة ، والطرق المفضية إليها. فإذا كان ذكرى للعالمين ، كان أعظم نعمة ، أنعم الله بها عليهم ، فعليهم قبولها والشكر عليها.
[٩١] هذا تشنيع على من نفى الرسالة ، من اليهود والمشركين ، وزعم أن الله ، ما أنزل على بشر من شيء. فمن قال هذا ، فما قدّر الله حق قدره ، ولا عظمه حق عظمته. إذ هذا ، قدح في حكمته ، وزعم أنه يترك عباده هملا ، لا يأمرهم ولا ينهاهم. ونفي لأعظم منة ، امتن الله بها على عباده ، وهي الرسالة ، التي لا طريق للعباد إلى نيل السعادة ، والكرامة ، والفلاح ، إلا بها ، فأي قدح في الله أعظم من هذا؟ (قُلْ) لهم ـ ملزما بفساد قولهم وقررهم ، بما به يقرون ـ : (مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى) وهو التوراة العظيمة (نُوراً) في ظلمات الجهل (وَهُدىً) من الضلالة ، وهاديا إلى الصراط المستقيم علما ، وعملا ، وهو الكتاب الذي شاع وذاع ، وملأ ذكره القلوب والأسماع. حتى أنهم جعلوا يتناسخونه في القراطيس ، ويتصرفون فيه بما شاؤوا. فما وافق أهواءهم منه ، أبدوه وأظهروه ، وما