يستحقها ولا يترحم عليه هذا.
وفي ( الجامع الصغير ) برواية الامام أحمد والبخاري عن أبي سعيد مرفوعا : ويح عمار تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم الى الجنة يدعونه الى النار. وهذا كالنص الصريح في المعنى الصحيح المتبادر من البغي المطلق في الكتاب كما في قوله تعالى : ( وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ) ، وقوله سبحانه : ( فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى ) فإطلاق اللفظ الشرعي على إرادة المعنى اللغوي عدول من العدل وميل الى الظلم الذي هو وضع الشيء في غير موضعه.
والحاصل ان البغي بحسب المعنى الشرعي والإطلاق العرفي خص عموم معنى الطلب اللغوي الى طلب الشر الخاص بالخروج المنهي ، فلا يصح أن يراد به طلب دم خليفة الزمان وهو عثمان رضياللهعنه. وقد حكي عن معاوية تأويل أقبح من هذا حيث قال : انما قتله علي وفئته حيث حمله على القتال وصار سببا لقتله في المال ، فقيل له في الجواب : فإذن قاتل حمزة هو النبي صلّى الله عليه وسلّم ، حيث كان باعثا له على ذلك والله سبحانه وتعالى حيث أمر المؤمنين بقتال المشركين!
والحاصل أن هذا الحديث فيه معجزات ثلث : إحداها انه سيقتل ، وثانيها أنه مظلوم ، وثالثها أن قاتله باغ من البغاة ، والكل صدق وحق. ثم رأيت الشيخ أكمل الدين قال : الظاهر أن هذا أي التأويل السابق عن معاوية وما حكي عنه أيضا من أنه « قتله من أخرجه للقتل وحرضه عليه » كل منهما افتراء عليه! أما الاول فتحريف للحديث ، وأما الثاني فلانه ما أخرجه أحد بل هو خرج بنفسه وما له مجاهدا في سبيل الله قاصدا لاقامة الفرض ، وانما كان كل منهما افتراء على معاوية لأنه رضياللهعنه أعقل من أن يقع في شيء ظاهر الفساد على الخاص والعام.
قلت : فإذا كان الواجب عليه أن يرجع عن بغيه باطاعته الخليفة ويترك المخالفة وطلب الخلافة المنيفة ، فتبين بهذا أنه كان في الباطن باغيا