وأسند هو أيضا ويحيى من طريقه والمجد ولم يخرجه عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : بنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مسجده فقرب اللبن وما يحتاجون اليه ، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوضع ردائه ، فلما رأى ذلك المهاجرون الأولون والأنصار ألقوا أرديتهم وأكسيتهم وجعلوا يرتجزون ويعملون ويقولون :
لئن قعدنا والنبي يعمل. البيت
وكان عثمان بن عفان رضياللهعنه رجلا نظيفا متنظفا وكان يحمل اللبنة فيجافى بها عن ثوبه ، فإذا وضعها نفض كمه ونظر الى ثوبه فان أصابه شيء من التراب نفضه ، فنظر اليه علي بن أبي طالب فأنشأ يقول :
لا يستوي من يعمر المساجدا
الأبيات المتقدمة ، فسمعها عمار بن ياسر فجعل يرتجز بها وهو لا يدري من يعني بها فمر بعثمان فقال : يا ابن سمية! ما أعرفني بمن تعرّض ومعه جريدة فقال : لتكفن أو لاعترضن بها وجهك! فسمعه النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو جالس في ظل بيتي تعنى ام سلمة. وفي كتاب يحيى : في ظل بيته ، فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
ثم قال : ان عمار بن ياسر جلدة ما بين عيني وأنفي فإذا بلغ ذلك من المرء فقد بلغ ووضع يده بين عينيه ، فكف الناس عن ذلك ثم قالوا لعمار : ان النبي صلّى الله عليه وسلّم قد غضب فيك ونخاف أن ينزل فينا القرآن! فقال : أنا أرضيه كما غضب ، فقال : يا رسول الله! ما لي ولا لأصحابك؟ قال : مالك وما لهم؟ قال : يريدون قتلي يحملون لبنة لبنة ويحملون علي اللبنتين والثلاث فأخذ بيده فطاف به في المسجد وجعل يمسح وفرته بيده من التراب ويقول : يا ابن سمية لا يقتلك أصحابي ولكن تقتلك الفئة الباغية.
وقد ذكر ابن إسحاق القصة بنحوه كما في ( تهذيب ) ابن هشام ، قال : وسألت غير واحد من أهل العلم بالشعر عن هذا الرجز فقالوا : بلغنا أن علي ابن أبي طالب ارتجز به ، فلا ندري أهو قائله أم غيره ، وانما قال ذلك علي رضياللهعنه مطائبة ومباسطة كما هو عادة الجماعة ، إذا اجتمعوا على عمل