لخصال الخير كلها منه. فحمد الله معاوية وأثنى ، ثم قال : أما بعد! فإنكم دعوتم الى الطاعة والجماعة ، فأما الجماعة التي دعوتم إليها فمعنا هي ، وأما الطاعة لصاحبكم فانا لا نراها ، ان صاحبكم قتل خليفتنا وفرّق جماعتنا وآوى ثارنا وقتلتنا وصاحبكم يزعم أنه لم يقتله فنحن لا نرد ذلك عليه ، أرأيتم قتلة صاحبنا؟ ألستم تعلمون انهم اصحاب صاحبكم فليدفعهم إلينا فلنقتلهم به. ثم نحن نجيبكم الى الطاعة والجماعة.
فقال له شبث : أيسرّك يا معاوية أنك أمكنت من عمار تقتله؟ فقال معاوية : وما يمنعني من ذلك والله لو أمكنت من ابن سمية ما قتلته بعثمان رضياللهعنه ولكن كنت قاتله بناتل مولى عثمان! فقال له شبث : واله الأرض واله السماء ما عدلت معتدلا ، لا والذي لا اله الا هو لا تصل الى عمار حتى تندر الهام عن كواهل الأقوام وتضيق الأرض الفضاء عليك برحبها! فقال له معاوية : انه لو قد كان ذلك كان الأرض عليك أضيق ».
وقال في خبر عن عبد الرحمن السلمي في مقتل عمار : « فلما كان الليل قلت لا دخلن إليهم حتى أعلم هل بلغ منهم قتل عمار ما بلغ منا؟ وكنا إذا توادعنا من القتال تحدثوا إلينا وتحدثنا إليهم فركبت فرسي وقد هدأت الزجل ثم دخلت فإذا أنا بأربعة يتسايرون : معاوية وأبو الأعور السلمي وعمرو بن العاص وعبد الله بن عمرو وهو خير الأربعة ، فأدخلت فرسي بينهم مخافة ان يفوتني ما يقول احد الشقين فقال عبد الله لأبيه : يا أبة! قتلتم هذا الرجل في يومكم هذا؟ وقد قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سلّم ما قال؟ قال : وما قال؟ قال : ألم تكن معنا ونحن نبني المسجد والناس ينقلون حجرا حجرا ولبنة لبنة وعمار ينقل حجرين حجرين ولبنتين لبنتين ، فغشي عليه فأتاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول : ويحك يا ابن سمية الناس ينقلون حجرا حجرا ولبنة لبنة وأنت تنقل حجرين حجرين ولبنتين لبنتين رغبة منك في الأجر ، وأنت ويحك مع ذلك تقتلك الفئة الباغية! فدفع عمر وصدر فرسه ثم جذب معاوية اليه فقال : يا معاوية!