وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (٢٣) أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً (٢٤) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ
____________________________________
العرب إذا رأى أحدهم من يريد قتله يقول حجرا محجورا دماءنا ، أي حراما محرما ، وهم حين يرون الملائكة يظنون إن هذا القول ينفع ، ولقد كانت هذه الكلمة كالاستعاذة عندنا حين نرى مكروها ، فنقول «نعوذ بالله».
[٢٤](وَقَدِمْنا) أي قصدنا وتعمدنا ، من باب استعمال المسبب في السبب ، فإن القاصد إلى عمل يتقدم إليه (إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) كانوا يظنون إنه عمل خيري (فَجَعَلْناهُ) أي ذلك العمل الخيري للكفار (هَباءً) وهو الغبار الذي يرى إذا أشرقت الشمس من الكوّة ، ومفرده هباءه (مَنْثُوراً) أي منتشرا ، فكما أن الهباء لا ينتفع به ولا يمكن التحصيل عليه كذلك أعمال هؤلاء الكفار التي ظنوها حسنات لم ينتفعوا بها ، إذ شرط القبول الإيمان ، الذي فقدوه.
[٢٥](أَصْحابُ الْجَنَّةِ) وهم المؤمنون (يَوْمَئِذٍ) أي يوم القيامة (خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) أي أفضل منزلا في الجنة ، من أصحاب النار (وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) أي موضع قائلة ، وهي من القيلولة ، وهو النوم قبل الظهر والاستراحة فيه في وقت الحر ، وقد كان هذا من فعل كبرائهم ، واستحب في الشريعة لما فيه من التنشيط للعمل بعده ، وقوله «خير» و «أحسن» يراد بهما الفضل لا الأفضلية ، إذ لا خير في مكان أهل النار.
[٢٦](وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) يأتي متعلقه في قوله «الملك يومئذ» والمراد بتشقق السماء انقلاب أوضاعها ، ففي يوم القيامة تنقلب أحوال