إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١١) وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ
____________________________________
قدر سائر الأشياء ، ولا يتصور الإنسان كيف يمكن أن يحيط كتاب بهذا القدر الكبير من الأعمار المختلفة للأفراد المتشتتة في مشارق الأرض ومغاربها ف (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) هيّن ، فهو محيط بجميع الأشياء ، أو المراد ب «ذلك» كل ما تقدم من التقديرات ، والعلم بها.
[١٣] ثم ينتقل السياق إلى بعض آخر من الآثار الكونية ، الدالة على وجود الإله ، وصفاته العظيمة (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ) بحر المياه المالحة ، وبحر المياه العذبة ، فإن الأنهر غالبا تتصل بعضها ببعض ، حتى أنها لتكون تحت الأرض ، وفوقها بحارا من المياه المتصلة ، ثم أن المراد بالبحر الجنس ، لا الشخص (هذا) أي أحدهما (عَذْبٌ) أي طيب (فُراتٌ) صاف (سائِغٌ شَرابُهُ) إذا شربه الإنسان ، لا يلتوي في الحلق ، ولا يؤذي اللهات (وَهذا) الآخر (مِلْحٌ) كأنه من كثرة ملوحته ، قطعة ملح ، نحو زيد عدل (أُجاجٌ) من ينشب في الحلق ، فمن خلق هذين البحرين يا ترى؟ (وَمِنْ كُلٍ) من البحرين (تَأْكُلُونَ) أنتم أيها البشر (لَحْماً طَرِيًّا) جديدا ، هو السمك ، فمع اختلاف البحرين يأتيان بشيء متماثل لمنفعة الإنسان ، وإنما سمي السمك ، لحما طريا ، لما اعتادوا ـ في زمن الجاهليين ـ من أكل القديد ، بتجفيف لحوم الأنعام (وَتَسْتَخْرِجُونَ) أي تخرجون بالطلب والغوص ، من البحر (حِلْيَةً) أي زينة ، هي اللؤلؤ (تَلْبَسُونَها) للتزين (وَتَرَى) أيها الرائي (الْفُلْكَ) بالضم على وزن أسد ، جمع فلك على وزن قفل ـ