لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠) وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتابٍ
____________________________________
عيون الناس (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) في الآخرة (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) من «بار» إذا فسد ، أي أن مكرهم يفسد ، ولا ينفّذ ، فنهاية العمل والقول الصالحين ، الرفعة والعزة ، ونهاية عمل السيئات ومكرها لتحقيق العزة هي البوار والهلاك.
[١٢](وَاللهُ خَلَقَكُمْ) أيها البشر (مِنْ تُرابٍ) فإن التراب ينقلب نباتا ، ويأكله الإنسان ، أو يأكل الحيوان الذي تكون من النبات ، فيصير مبدأ النطفة (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) هي القطعة المائعة من المني ، وأصل النطفة الماء القليل (ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً) ذكرا وأنثى ، أو المراد أصنافا وأشكالا (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى) «من» زائدة لتأكيد النفي ، أي لا تحمل أيّ أثر (وَلا تَضَعُ) حملها (إِلَّا بِعِلْمِهِ) فالله خالق الإنسان ، والعالم بأطواره ، حين حمله ، ووضعه (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ) المعمّر ـ بصيغة المفعول من باب التفعيل ـ هو الإنسان ، الطويل العمر ، أي لا يمدّ في عمر واحد ، وعبّر عنه بالمعمّر ، باعتبار الأول ، من باب «من قتل قتيلا فله سلبه» (وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) أي من عمر ذلك المعمّر ، والمراد به كل أحد ، والنقص ، إنما هو باعتبار الأعمار العادية ، فالعمر العادي إذا كان خمسين سنة ، كان الموت قبل ذلك تنقيصا بالنظر العرفي (إِلَّا فِي كِتابٍ) عند الله سبحانه ، فقد كتب كل ذلك ، وقدر الأعمال ، كما