وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ
____________________________________
حمل على الإنسان (وَاتَّقِ اللهَ) يا زيد في مفارقتها ومضارتها ، ومعاشرتها ، فلا تعاشرها إلا حسنا جميلا (وَ) قد كان الله سبحانه أخبر الرسول أنه سيطلق زينبا ، وأن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يتزوجها لرفع قاعدة «البنوة» الجاهلية ، ولما كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلم ما يحدثه هذا العمل من الضجة ، في ذلك المجتمع الجديد العهد بالإسلام ، خشي إظهاره ، ولذا قال سبحانه له صلىاللهعليهوآلهوسلم و (تُخْفِي فِي نَفْسِكَ) يا رسول الله ، إرادتك زواجها بأمر الله بعد طلاقها (مَا اللهُ مُبْدِيهِ) أي الشيء الذي يظهره الله بعد ذلك (وَتَخْشَى النَّاسَ) وقد قال بعض : كيف يخشى النبي الناس؟ فلنقل : هل كان النبي يخشى من العقرب أن تلدغه ، أو السبع أن يفترسه؟ فإن قالوا نعم ، قلنا : ما الفرق حتى أجزتم تلك الخشية ، ولم تجوزوا هذه الخشية ، من كلام الناس وطعنهم؟ وإن قالوا : لا ، قلنا : فأيّ دليل على أن الخشية من المضر أو المؤذي ينافي مقام العصمة ، فإن ما ثبت ، أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم معصوم ، لا إنه مسلوب عنه صفات البشرية من خشية واضطراب ، وجوع وعطش ، كما في قصة موسى عليهالسلام (إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا) (١) (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً) (٢) ، وفي قصة يعقوب (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ) (٣) ، وأما قوله (وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) فهو من باب الجناس المليح ، نحو قوله (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) (٤) وقول الرضا عليهالسلام : «إن كنت باكيا لشيء ، فابك للحسين عليه
__________________
(١) طه : ٤٦.
(٢) القصص : ٢٢.
(٣) يوسف : ١٤.
(٤) الروم ٥٦.