أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ
____________________________________
أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ) والمراد به العهد الأكيد بالقيام بالدعوة والتبليغ ، وبعد ذكر هذا العموم يأتي ذكر بعض الأنبياء المعروفين (وَمِنْكَ) يا رسول الله (وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) وهؤلاء الخمسة هم أولوا العزم من الأنبياء الذين بعثوا إلى شرق الأرض وغربها ، وقد خصصوا بالذكر ، ليعلم أنهم مع جلالة قدرهم وعظم شأنهم ، قد أخذ منهم الميثاق في العمل بما يأمر الله سبحانه ، وأخذ الميثاق ، إنما كان قبل تحميلهم حمل الرسالة في عالم الذر (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) شديدا بالوفاء والقيام ، وذلك لأهمية هذا المنصب الخطير ، الذي لا يساويه منصب مهما عظم.
[٩] وقد فعل الله ذلك ، ليكون الناس مقطوعي العذر ، قد تمت عليهم الحجة ، حتى يكون الصادق من الناس ، معرضا للثواب ، والكافر معرضا للعقاب ، وهذا كما تقول : قد أخذت من المعاون العهد الأكيد بالقيام على مهمة المدرسة ، لأنجح الطلاب العاملين ، وأطرد الخاملين منهم ، تريد أن هذا العهد ، إنما كان ليقوم المعاون بالمهمة ، فتم الحجة على الطلاب (لِيَسْئَلَ) الله (الصَّادِقِينَ) في الإيمان والمنهج ، فإن المؤمن صادق ، والمطيع صادق إذ من يجعل مع الله شريكا ، أو يكفر به ، فقد كذب في عقيدته ، وقوله ، كما أن من يعصي ، قد كذب في عمله ـ فإن الكذب هو الخروج عن الحقيقة ، في قول أو عمل ـ (عَنْ صِدْقِهِمْ) أي عن عقيدتهم ، وقولهم وعملهم ، فيجازيهم