ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً (٤٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً (٤٧) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (٤٨)
____________________________________
[٤٧](ثُمَّ قَبَضْناهُ) أي قبضنا الظل ، بمعنى أخذناه (إِلَيْنا) تشبيه بالذي يقبض الشيء إلى نفسه (قَبْضاً يَسِيراً) في يسر وسهولة ، فإن الشمس كلما ارتفعت انتقص الظل حتى يعدم ولا يبقى منه شيء ، والقبض تدريجي كمن يقبض الشيء بيسر لا عنف فيه ولا اندفاع.
[٤٨](وَهُوَ) الله (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) أيها البشر (اللَّيْلَ لِباساً) فإنه يشتمل على الإنسان حتى يستره مثل اللباس يشتمل على الإنسان ، وفي الليل يقضي الإنسان من الأمور التي يحب سترها ما لا يقضي في النهار (وَالنَّوْمَ سُباتاً) أي راحة لأبدانكم وقطعا لأعمالكم ، والسبات قطع العمل ، ومنه سبت رأسه إذا حلقه ويوم السبت لأنه كان يوم قطع العمل (وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) لانتشاء الروح في البدن فلا نوم ، ولانتشاء الناس في حوائجهم.
[٤٩](وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً) مبشرات ، فإن المصدر يستعمل للمفرد والتثنية والجمع بلفظ واحد (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي أمام رحمته التي هي المطر ، فإن الرياح تثير السحاب ، فإذا جاءت الرياح في فصل المطر استبشر الناس بأن وراءها الأمطار ، فيفرحون للمنافع المترتبة على المطر (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ) أي جهة العلو (ماءً) أي المطر (طَهُوراً) طاهرا في ذاته مطهرا لغيره.