إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٤) أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً (٤٥)
____________________________________
إليك للتفهم ولا يعطون ألبابهم وعقولهم للتدبير وإنما هم معاندون يريدون الإنكار (إِنْ هُمْ) أي ما هم (إِلَّا كَالْأَنْعامِ) أي البهائم التي لا تسمع سماع تفهم ، ولا عقل لها ، وإنما تسمع النداء والصوت فقط (بَلْ هُمْ) أي هؤلاء الكفار (أَضَلُّ سَبِيلاً) فإن الأنعام تهتدي إلى مصالحها أما هؤلاء فلا يعقلون صالحهم عن غير الصالح لهم ولذا يعرضون عن الحق.
[٤٦] ثم يأتي السياق للتذكير بجملة من الآيات الكونية التي توقظ الضمائر ، وتلفت العقول إلى الله سبحانه (أَلَمْ تَرَ) يا رسول الله ، أو كل من يتأتى منه الروية (إِلى رَبِّكَ) أي ألم تعلم أن هذا الذي نذكره هو من فعل الله سبحانه لا مدخلية للغير في ذلك (كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) فإن الشمس إذا طلعت امتد لكل شيء ظل طويل نحو المغرب ، فمن يا ترى جعل للأجسام ظلال عند إشراق النور والظل يوحي بالهدوء والبرد والراحة ، إنه الله الذي جعل هذه الظلال (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) لا يتحرك بأن يوقف الشمس في مكانها حتى يبقى الظل في مكانه ، لكنه سبحانه حسب الحكمة العليا جعل الظل متحركا بحركة الشمس فمن يا ترى جعل الشمس متحركة حتى يتبعها في الحركة الظل؟ (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ) أي على الظل (دَلِيلاً) فإنها هي التي تحدده وتعيّنه وتدل على ماهيته ، إذ لو لا الشمس وإشراقها ، لم يعرف الظل ، والأشياء تعرف بأضدادها.