وروي عن حمزة وجهان : أحدهما : إخفاؤه حيث قرأ القارئ مطلقا. الثاني : الجهر بالتعوّذ في أوّل الفاتحة فقط وإخفاؤه في سائر القرآن.
[١ / ١٥٦] رواه الحافظ الكبير أبو الحسن الدارقطني في كتابه ، عن أبي الحسن بن المنادي عن الحسن بن العبّاس عن الحلواني عن خلف عن سليم عن حمزة : أنّه كان يجهر بالاستعاذة والتسمية في أوّل سورة فاتحة الكتاب ، ثمّ يخفيها بعد ذلك في جميع القرآن ... (١).
[١ / ١٥٧] وقد عرفت في حديث حنان بن سدير : أنّه صلّى خلف الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام فتعوّذ بإجهار ، ثمّ جهر ببسم الله الرحمان الرحيم (٢).
وذكر الشيخ محيي الدين النووي للإمام الشافعي قولين في المسألة ، أحدهما : يستوي الجهر والإسرار ، وهو نصّه في الامّ. والثاني : يسنّ الجهر ، وهو نصّه في الإملاء. قال : وكان أبو هريرة يجهر بها ، وكان ابن عمر يسرّ. قال : وهو الأصحّ عند جمهور أصحابنا (العراقيّين) وهو المختار. قال ابن الجزري : نقل عن أبي علي الطبري : أنّه يستحبّ فيه الإسرار. وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد ومذهب مالك ، في قيام رمضان.
قال : واختلف المتأخّرون في المراد بالإخفاء. فقال كثير منهم : هو الكتمان. فيكفي فيه الذكر في النفس من غير تلفّظ. وقال الجمهور : المراد به الإسرار ، فلا يكفي فيه إلّا التلفّظ وإسماع نفسه ، وهذا هو الصواب ، لأنّ نصوص المتقدّمين كلّها على جعله ضدّا للجهر ، وكونه ضدّ الجهر يقتضي الإسرار به (٣).
***
وصورتها المتوافقة مع ظاهر تعبير القرآن ، هي العبارة المشهورة : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم».
[١ / ١٥٨] ففي حديث عبد الله بن مسعود ، قال : «قرأت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلت : أعوذ بالله السميع العليم. فقال لي : يا ابن امّ عبد ، قل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. هكذا أقرأنيه جبرئيل» (٤).
__________________
(١) النشر في القراءات العشر ١ : ٢٥٢ ـ ٢٥٣.
(٢) وسائل الشيعة ٦ : ١٣٤ / ٤ ، وكان حمزة قد تتلمذ للإمام الصادق عليهالسلام فيما ذكره الشيخ في رجاله : ١٧٧ / ٢٠٦.
(٣) النشر في القراءات العشر ١ : ٢٥٣ ـ ٢٥٤.
(٤) عوالي اللئالي ٢ : ٤٧ ـ ٤٨ / ١٢٤.