٤٦٠) ، في كتبهم الأربعة (الكافي الشريف. ومن لا يحضره الفقيه. وتهذيب الأحكام. والاستبصار).
وأصبحت هذه الكتب الأربعة هي مدار الفتيا والاستنباط عند الشيعة الإماميّة ، والمعتمد لفهم معالم الدين والوقوف على مبانيه الحكيمة ، حسب النصوص الواردة عن النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة من عترته الطاهرين.
نعم بقيت آثار من تلك المهازيل السافلة ، تناقلتها كتب متفرّقة ، وأكثرها ساقطة عن الاعتبار ، ولكنّها مع الأسف وقعت مستند بعض أهل الظاهر من المفسّرين ، فخلطوا الحابل بالنابل ، ومن قبلهم جاءت مشكلة التفسير الروائي المعتمد على النقول.
ومن ثمّ فإنّ معرفة مواضع الدسّ في التفسير والعلم بأسباب الوضع في الحديث ، لغرض الحذر منها ومحاولة علاجها دون الوقوع في المهلكة ، لضرورة ملحّة يدعو إليها منهج التحقيق النزيه. فضلا عن وجوب الذبّ عن حريم القرآن والسنة الكريمة ، دون أن يشوبها أكدار أو يعلوها أدران ـ لا سمح الله.
وإليك الآن نماذج من أنماط الوضع في التفسير :
ما ورد بشأن فضائل السور
ذكرنا من عوامل الوضع في التفسير هو عامل الترغيب والترهيب ، تشويقا إلى حسنة أو تزهيدا عن سيّئة ، لا لسوء نيّة ، بل حسبة لله ، فيما حسبه بعض الصالحين ، ذهولا عن قباحة الكذب مهما كان نمطه وأيّا كان هدفه. قال تعالى : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)(١).
قال القرطبي : ومنهم جماعة وضعوا الحديث حسبة كما زعموا ، يدعون الناس إلى فضائل الأعمال. كما روي عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم المروزي ، ومحمّد بن عكّاشة الكرماني ، وأحمد بن عبد الله الجويباري (٢) وأمثالهم.
قيل لأبي عصمة : من أين لك عن عكرمة عن ابن عبّاس ، في فضل سور القرآن سورة سورة؟ فقال : إنّي رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن ، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمّد بن إسحاق ،
__________________
(١) الكهف ١٨ : ١٠٤.
(٢) تقدّمت تراجمهم عند الكلام عن الوضع في التفسير.