قال السيّد العاملي : وليعلم أنّه يستحبّ الإخفات بها ، كما نصّ عليه أكثر من تعرّض له. وذكر إجماع الخلاف ، والنسبة إلى الأكثر من الذكرى وجامع المقاصد والفوائد الملّيّة. وعن التذكرة وإرشاد الجعفريّة : إنّه على ذلك عمل الأئمّة عليهمالسلام. ثمّ نقل كلام المجلسي في البحار واستجواد الفقيه البحراني له ، وعقّبه بقوله : والإجماع المنقول والسيرة المنقولة عن الأئمّة عليهمالسلام وفتوى الأصحاب من غير خلاف ، مع شهادة صحيح صفوان ، حجّة عليهما (١).
[١ / ١٥٤] أمّا صحيحة صفوان فهي ما رواه الشيخ بإسناده إلى الحسين بن سعيد عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن صفوان ، قال : صلّيت خلف أبي عبد الله عليهالسلام أيّاما ، كان يقرأ في فاتحة الكتاب. بسم الله الرّحمان الرّحيم. فإذا كان صلاة لا يجهر فيها بالقراءة ، جهر ببسم الله الرّحمان الرّحيم ، وأخفى ما سوى ذلك (٢).
قال العلّامة المجلسي : قوله : «وأخفى ما سوى ذلك» يدلّ على استحباب الإخفات في الاستعاذة ، لأنّ «ما سوى ذلك» يشملها. إذ يبعد تركه عليهالسلام للاستعاذة في صلوات متوالية.
ثمّ استدرك ذلك باحتمال إرادة ما سوى البسملة من الفاتحة ، ولأنّه الظاهر من السياق. إذ من المعلوم أنّه عليهالسلام كان يجهر بالتسبيحات (في الركوع والسجود) وبالتشهّد والقنوت وسائر الأذكار ، لاستحباب الإجهار للإمام (٣). (٤)
***
قال ابن الجزري : المختار عند الأئمّة القرّاء هو الجهر بالاستعاذة ، عن جميع القرّاء ، لا نعلم في ذلك خلافا عن أحد منهم إلّا ما جاء عن حمزة وغيره ممّا نذكره.
قال الحافظ أبو عمرو في جامعة : لا أعلم خلافا في الجهر بالاستعاذة عند افتتاح القرآن وعند ابتداء كلّ قارئ بعرض أو درس أو تلقين في جميع القرآن ، إلّا ما جاء عن نافع وحمزة.
[١ / ١٥٥] وروى ابن المسيّبي عن أبيه عن نافع : أنّه كان يخفي الاستعاذة ويجهر بالبسملة عند افتتاح السور ورؤوس الآيات في جميع القرآن.
__________________
(١) مفتاح الكرامة ٢ : ٣٩٩ ـ ٤٠٠.
(٢) التهذيب ٢ : ٦٨ / ٢٤٦ ـ ١٤.
(٣) ففي الحديث : ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كلّ ما يقول ، التشهّد وغيره. راجع : وسائل الشيعة ٨ : ٣٩٦ ، باب ٥٢ (من أبواب صلاة الجماعة).
(٤) البحار ٨٢ : ٣٥ ـ ٣٦.