التفسير الأثري في مراحله الاولى
كان موضع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من القرآن ، موضع مفسّر خبير بمعاني كلامه تعالى ، وقد أمره الله بالتبيين والتفسير إلى جنب التبليغ ، فقام بالأمر وأخذ بساق الجدّ وأدّى وظيفته بكمال.
ولازم ذلك أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يدع موضعا من القرآن فيه إبهام أو يثير سؤالا إلّا وقد أجاب عليه إجابة كافية وشرح وبيّن وأوفى البيان حقّه بتمام. إمّا تبيينا لعامّة الناس أو لأخصّاء أصحابه الكبار. فلم يترك مشكلة إلّا وقد بيّن وجه حلّها ، ولا معضلة إلّا وقد أبان وجه علاجها ، ليكون قد ذهب إلى ربّه وقد أودع أمّته الكتاب مبيّنا معالمه ، مشروحا مقاصده ، واضحا محجّته ، بلا التباس ولا إبهام ، امتثالا لأمره تعالى بلا تهاون ولا قصور ، وليكون لله الحجّة البالغة. هذا بلا ريب.
وقد أسبقنا الكلام عن التفسير على عهد الرسالة وذكرنا : هل تناول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم القرآن كلّه بالبيان؟ وكانت الإجابة الصحيحة هي جانب الإثبات وقلنا : الصحيح من الرأي هو : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد بيّن لأمّته ـ ولأصحابه بالخصوص ـ جميع معاني القرآن الكريم ، وشرح لهم جلّ مراميه ومقاصده الكريمة ، إمّا بيانا بالنصّ أو ببيان تفاصيل أصول الشريعة وفروعها ، ولا سيّما إذا ضممنا إليه ما ورد عن الأئمّة من عترته في بيان تفاصيل الشريعة ومعاني القرآن ، نقلا عن جدّهم الرسول ـ صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ـ والحمد لله (١).
__________________
(١) راجع مشروح كلامنا في ذلك في كتابنا التمهيد ٩ : ١٥٧ ـ ١٧٧.