النظر ، دون الاقتصار على ظاهر الكلام حسب التنزيل. ومن ثمّ فسّر الإمام أبو جعفر الباقر عليهالسلام الظهر بالتنزيل والبطن بالتأويل أي هناك للآية دلالة جليّة حسب ظاهر التنزيل ، ودلالة أخرى خفيّة ـ هي أوسع وأعمق ـ حسب البحث والتنقيب (التأويل).
غير أنّ الكلام هنا هو : أنّ هذا المعنى المتحصّل عن طريقة التأويل ، معنى متناسب مع ظاهر التنزيل أم هو أجنبيّ عنه وربّما تحميل على اللفظ بما يجعله أحيانا من التفسير بالرأي؟!
وقد نبّهنا مسبقا أنّ هذا المعنى العامّ المستفاد من فحوى الآية لا بدّ أن يكون بينه وبين المعنى الظاهريّ صلة قريبة بما يجعلهما متناسبين تناسب الخاصّ مع العامّ ، ليكون المعنى الظاهريّ خاصّا ، والمعنى الباطني المستفاد من فحوى الآية عامّا يشمل الظاهر وغيره عبر الأجيال.
ومن ثمّ كان المدلول بالتأويل من مداليل الكلام ذاته ، مدلولا التزاميّا وإن كان من القسم غير البيّن منه. فلا بدّ أن يكون متناسبا له ، إذ لا دلالة للكلام على أجنبيّ منه إطلاقا وإنّما هو تحميل محض.
وبذلك أصبحت جلّ تأويلات الباطنيّة ومن على شاكلتهم ، من التفسير بالرأي محضا ، على ما سننبّه.
طريق الحصول على بطن الآية
سبق أن نبّهنا أنّ في طيّ كلّ آية رسالة عامّة هي أوسع نطاقا من ظاهر التنزيل. وهذا الفحوى العامّ هي رسالة الآية تحتضنها إلى الملأ ، والتي قد ضمنت للقرآن خلود آيها جمعاء مع الأبد.
أمّا وكيف الحصول على هذا الفحوى العامّ؟
__________________
الاثنين نصف الأربعة.
وغير البيّن : ما يحتاج في الجزم باللزوم ـ مضافا إلى تصوّر اللازم والملزوم ـ إلى تبيين وتدليل. وقد صرّح صاحب الكبرى في المنطق بأنّ هذه الدلالة معتبرة عند علماء الأصول والبيان ، وعليه فالمدلول بالتأويل هي من الدلالة الالتزاميّة ولكن من القسم الثالث أي غير البيّن منها ، ويعدّ من المداليل اللفظيّة للكلام ، وإن كانت الدلالة بمعونة التدليل وقرينة العقل من خارج إطار اللفظ. ومن ثمّ لم تكن من الظهر بل من البطن المفتقر إلى دقّة وتعميق نظر.
غير أنّ الذي يجب التنبّه له هنا هو : ضرورة وجود المناسبة القريبة بين هذا المعنى الباطني والمعنى البدائي الظاهر من الكلام وإلّا لم يكن من المدلول الالتزامي ، بل كان أجنبيّا وتحميلا على اللفظ وكان من التفسير بالرأي ، فتدبّر! راجع : المنطق للمظفّر ١ : ٢٩ ـ ٣٠ و ٧٩ ـ ٨٠ والكبري في المنطق ، الفصول : ٧ ـ ١١ ، جامع المقدمات.