فكنت أقرأهما بعد ذلك فلا أجد نقصانا (١).
[م / ١٥٢] وأخرج النسائي ، وأبو يعلى ، وابن حبّان ، وأبو الشيخ في العظمة ، والحاكم ـ وصحّحه ـ وأبو نعيم ، والبيهقي معا في الدلائل ، عن أبيّ بن كعب : أنّه كان له جرن (٢) من تمر ، وكان يتعاهده فوجده ينقص ، فحرسه ذات ليلة فإذا هو بدابّة شبه الغلام المحتلم. قال : قلت له : من أنت؟! جنّيّ أم إنسيّ؟ قال : جنّي! قلت : ناولني يدك ، فإذا يداه يدا كلب وشعره شعر كلب. قلت : هكذا خلق الجنّ؟ قال : إنّ فيهم من هو أشدّ منّي! قلت : ما حملك على ما صنعت؟ قال : بلغني أنّك رجل تحبّ الصدقة فأحببنا أن نصيب من طعامك!
فقال له أبيّ : فما الذي يجيرنا منكم؟ قال : آية الكرسيّ ، من قرأها حتّى يمسي أجير منّا حتّى يصبح ، ومن قرأها حين يصبح أجير منا حتّى يمسي. فلمّا أصبح أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره ، فقال : «صدق الخبيث» (٣).
[م / ١٥٣] قال ابن حجر : وفي رواية الروياني : فأخذته فالتففت يديّ على وسطه ، فقلت : يا عدوّ الله ، وثبت إلى تمر الصدقة فأخذته؟ وكانوا ـ أي الصحابة ـ أحقّ به منك ، لأرفعنّك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيفضحك!!
وفي رواية الروياني : ما أدخلك بيتي تأكل التمر؟! قال : أنا شيخ كبير فقير ذو عيال ، وما أتيتك إلّا من «نصيبين» (٤) ، ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك. ولقد كنّا في مدينتكم هذه (يثرب) حتّى بعث صاحبكم ، فلمّا نزلت عليه آيتان تفرّقنا منها ، فإن خلّيت سبيلي علّمتكهما! قلت : نعم. قال : آية الكرسيّ وآخر سورة البقرة (٥).
[م / ١٥٤] وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان ، ومحمّد بن نصر الطبراني ، والحاكم ـ وصحّحه (٦) ـ وأبو نعيم ، والبيهقيّ ، كلاهما في الدلائل ، عن معاذ بن جبل ، قال : ضمّ إليّ
__________________
(١) الدرّ ٢ : ٩.
(٢) جرن ـ بضمّتين ـ : جمع جرين ، وهو موضع تجفيف التمر ، وهو له كالبيدر للحنطة. قال ابن الأثير ، ومنه حديث أبيّ مع الغول : «أنّه كان له جرن من تمر». (النهاية ١ : ٢٦٣).
(٣) الدرّ ٢ : ٥ ؛ النسائي ٦ : ٢٣٩ / ١٠٧٩٦ ؛ ابن حبّان ٣ : ٦٣ ـ ٦٤ / ٧٨٤ ؛ العظمة ٥ : ١٦٥٠ / ١٠٩٢ ـ ١٢ ؛ الحاكم ١ : ٥٦٢ ؛ الدلائل للبيهقي ٧ : ١٠٨ ـ ١٠٩.
(٤) مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادّة القوافل من الموصل إلى الشام. كثيرة العقارب.
(٥) فتح الباري ٤ : ٣٩٧.
(٦) قال : هذا حديث صحيح الإسناد. الحاكم ١ : ٥٦٣.