عيّاش (١) ويزيد الرقاشي (٢) وذويهما.
قال القواريري : سمعت يحيى بن سعيد القطّان يقول : لم نجد الصالحين أكذب منهم في الحديث. وقال أبو إسحاق الطالقاني : سمعت ابن المبارك يقول : كنت اشتاق إلى لقاء عبد الله بن المحرّر (٣) ، فلمّا رأيته ، كانت بعرة أحبّ إليّ منه.
النوع السادس ، جماعة ثقات اختلطوا في أواخر أعمارهم حتّى لم يكونوا يعقلون ما يحدّثون ، فاختلط حديثهم الصحيح بالسقيم فلم يتميّز فاستحقوا الترك.
ذكر مؤمّل بن الفضل ، قال : سألت عيسى بن يونس عن الليث بن أبي سليم الكوفي (٤) ، فقال : قد رأيته وكان قد اختلط ، وكنت مررت به ارتفاع النهار وهو على المنارة يؤذّن. وهذا ملحق بالنوع الخامس.
النوع السابع ، من كان يجيب عن كلّ شيء يسئل سواء أكان ذلك من حديثه أو من غير حديثه ، فلا يبالي أن يتلقّن ما لقّن ، فإذا قيل له : هذا من حديثك حدّث به من غير أن يحفظ ، فهذا وأحزابه لا يحتجّ بهم ، لأنّهم يكذبون من حيث لا يعلمون.
النوع الثامن ، من كان يحدّث بأحاديث غيره ناسبا لها إلى نفسه اغترارا وذهولا ، من غير أن
__________________
(١) أبو إسماعيل البصري : روى عن أنس فأكثر. قال أبو حاتم : كان رجلا صالحا ولكنّه بلي بسوء الحفظ. قال ابن أبي حاتم : سئل أبو زرعة عنه فقال : ترك حديثه ولم يقرأه علينا ، فقيل له : كان يتعمّد الكذب؟ قال : لا ، كان يسمع الحديث من أنس ومن شهر بن حوشب ومن الحسن ، فلا يميّز بينهم. وقال ابن عديّ : عامّة ما يرويه لا يتابع عليه. وأرجو أن لا يتعمّد الكذب ، إلّا أنّه كان يشتبه عليه ويغلط ، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق ، كما قال شعبة. نعم كان قاريا مجيدا ولقّب بطاووس القرّاء. (تهذيب التهذيب ١ : ٩٨ / ١٧٤).
(٢) هو : يزيد بن أبان الرقاشي البصري ، أبو عمرو الزاهد العابد. روى عن أنس وغنيم بن قيس والحسن. قال يزيد بن هارون : سمعت شعبة يقول : لأن أزني أحبّ إليّ من أن أحدّث عن يزيد الرقاشي. ثمّ قال : يزيد ، ما كان أهون عليه الزنا. قال أحمد : كان يزيد منكر الحديث ، وكان سعيد يحمل عليه. وكان قاصّا. وهو الذي روى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أن يصلي على عبد الله بن أبيّ ، فأخذ جبرائيل بثوبه. وروى أيضا أنّ آدم عليهالسلام يشفّع في ألف ألف وعشرة آلاف ألف. (ميزان الاعتدال ٤ : ٤١٨ / ٩٦٦٩).
(٣) هو : عبد الله بن المحرّر الجزري. روى عن ابن الأصمّ وقتادة. قال أحمد : ترك الناس حديثه. وقال الجوزجاني : هالك. وقال ابن حبّان : كان من خيار عباد الله ، إلّا أنّه كان يكذب ولا يعلم ويقلّب الأخبار ولا يفهم. ولّاه منصور قضاء الرقّة. (ميزان الاعتدال ٢ : ٥٠٠ / ٢٠٨).
(٤) قال أبو بكر بن عيّاش : كان ليث من أكثر الناس صلاة وصياما ، وإذا وقع على شيء لم يردّه. وقال عبد الوارث : كان من أوعية العلم. وقال الدارقطني : كان صاحب سنّة. قال ابن حبّان : اختلط في آخر عمره. وقال أحمد : مضطرب الحديث. (ميزان الاعتدال ٣ : ٤٢٠ / ٦٩٩٧).