الصحيح (في نظره) ، وأضاف اليه أقوال الصحابة والتابعين وفتاواهم ورتّبه على أبواب الفقه. ويعتبر الموطأ ثروة فقهية خاصة ، فكانت بمثابة قانون شرعي لا يحيد عنه ، ولهذا اعتبر ـ بحق ـ إمام السُنّة في عهده ـ كما يقول الشاطبي.
وقد توخّى مالك في الموطأ ، ايراد القوي من حديث أهل الحجاز ، كما نقل ما ثبت لديه من أقوال الصحابة وفتاوى التابعين ، وهو أول كتاب في الحديث والفقه ظهر في الاسلام ، وقد وافقه على ما فيه سبعون عالماً من معاصريه من علماء الحجاز.
ولمّا سُئل الامام مالك لِمَ سمّيت كتابك الموطّأ؟ قال : عرضت كتابي هذا على سبعين فقيهاً من فقهاء المدينة ، فكلهم واطأني عليه ، فسميته الموطّأ (١).
ويقول ابن خلدون بأن ما ثبت عند مالك هو ما في الموطّأ فقط ، روى مائة ألف حديث ، اختار منها في الموطأ عشرة آلاف ، ثم لم يزل يعرضها على الكتاب والسُنّة العملية حتى رجعت الى ٥٠٠ حديث مُسند ، بقدر ما يرى انه أصلح للمسلمين وأمثل في الدين.
الامام مالك عند أقرانه واتباعه
يقول الشافعي بأن مالك بن أنس معلّمي ، وعنه أخذت العلم ، وإذا ذكر العلماء فمالك النجم ، وما أحد آمن علي من مالك بن أنس ، فاذا جاءك الحديث من مالك فشدّ به يديك ، كان مالك إذا شك في الحديث طرح كله ، فمالك حجّة الله على خلقه ، وما رأينا مثل مالك فكيف نرى مثله (٢)؟ وأوصى أحمد بن حنبل رجلاً يريد أن يحفظ
__________________
(١) الموطأ ـ الامام مالك ـ المقدمة ١ : ٤ ؛ تنوير الحوالك ـ السيوطي : ٦.
(٢) تهذيب التهذيب ـ ابن حجر ١٠ : ٨.