تبلور المدرسة السُنّية وإتضاح معالمها
كان أبو حنيف النعمان ، الفقيه المعروف ، قد إعتمد في اصول مدرسته الفقهية على الرأي والقياس ، فسُمي أتباعه بأهل الرأي ، وحين أمره المنصور بتسلّم منصب قاضي القضاة ، رفض تنفيذ ذلك الامر لإيمانه بظلم خلفاء بني العباس ، فزجّه المنصور في السجن حتى مات فيه.
وقد شهد العهد العباسي نشوء المذاهب الاربعة المعروفة ، ومذاهب ومدارس سُنّية كثيرة ، ومئات من المجتهدين الذين لم يكونوا أصحاب مذاهب ، إذ ليس لديهم أتباع سوى قلة في بعض الأحيان.
وفي هذا العهد بالذات ، تبلورت المدرسة السُنّية ونضجت وتحدّدت أغلب معالمها حيث استوعبت كل المذاهب الفقهية المنضوية تحت ظل الخلفاء والحكّام من بني العباس وأتباعهم. وهكذا نشأ مذهب «أهل السُنّة والجماعة» وتبلورت ملامحه الاساسية في العهدين الأموي والعباسي ، بالرغم من ان جذوره بدأت منذ سقيفة بني ساعدة حيث تم تجريد اهل البيت من حقهم في الخلافة وقيادة الأمّة سياسياً ودينياً.
عاشت الأمّة وترعرعت حتى أواسط القرن الثاني الهجري ، في ظل خلفاء وحكّام مارسوا شتى الوسائل والاساليب لاخفاء الحقيقة الكبرى المتمثلة في أحقية أهل البيت للخلافة والامامة بعد رسول الله ، إذ سعوا إلى منع تداول الأحاديث النبوية على ألسنة