حقيقة سُنّة الخلفاء في معيار المنطق والتأريخ
يُؤمن أهل السُنّة والجماعة بسُنّة الخلفاء (الراشدين) ويعدّونها على مستوى السُنّة النبوية من حيث مشروعيتها الدينية والفقهية ، ومصدراً للأحكام الشرعية ، وذلك طبق الحديث النبوي المزعوم : عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضّوا عليها بالنواجذ (١). وعلى أساس هذا الحديث النبوي المروي في مصادرهم التأريخية ، يَعدّ أهل السُنّة ، الخلفاء الأربعة بأنهم أعرف بطريق الاجتهاد من غيرهم (٢) ، حيث تُطلق السُنّة احياناً ـ على ما عمل به أصحاب رسول الله وان لم يكن في القرآن أو في المأثور عنه «صلوات الله عليه» ... ومن أبرز ما ثبت في السُنّة بهذا المعنى «سُنّة الصحابة» حدَّ الخمر وتضمين الصناع ، إحتجاجاً بقوله «صلوات الله عليه» في الحديث المذكور : «عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين ...».
وقد استساغ الحُكّام والخلفاء الذين اعقبوا الخلافة (الراشدة) ، هذه النظرية الموضوعة فأخذوا ينتقون من هؤلاء الخلفاء (الاربعة) ما يحلو لهم. فهذا الخليفة الاموي «عبد الملك بن مروان» يُصرّح بأنه ليست سُنّة احب الي من سُنّة عمر (٣) ، فيما يعدّ الخليفة (عمر بن عبد العزيز) ما سنّة رسول الله وصاحباه (أبو بكر وعمر) ، فهو دين يأخذ به.
__________________
(١) نيل الاوطار ـ الشوكاني ٧ : ٣١٨ ؛ جامع بيان العلم ـ ابن عبد البر ٢ : ٩٠ ؛ احكام القرآن ـ الجصاص ١ : ٥٣٠ ؛ تفسير الرازي ١ : ٢٠٩.
(٢) الاحكام ـ الآمدي ٤ : ٢٣٧.
(٣) الطبقات الكبرى ـ ابن سعد ٥ : ٢٣٢ ؛ تأريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر ٣٧ : ١٣٤.