٤ ـ ان الائمة الاثني عشر ، بالنظر لكونهم حَفَظة للسُنّة النبوية ، وشارحين لها ، وعارفين بمدلولها الفقهي ، فضلاً عن علمهم بالقرآن الكريم وتأويله ، فهم أكدوا ـ على الدوام ـ منذ عهد عليّ الذي هو أولهم وفي طليعتهم وحتى آخرهم ، بأنهم يسيرون على وفق السُنّة النبوية الخالصة ، ولا يؤمنون أو يعيرون أهمية لسُنن الآخرين ، كسُنّة الخلفاء الثلاث ، أو سُنّة الصحابة والتابعين وأقوالهم وآرائهم التي تعارض ـ صراحة ـ القرآن الكريم والسُنّة النبوية.
٥ ـ وبناء عليه فإن أبناء الأمّة الاسلامية ، لو أطاعوا الرسول في أهل بيته ، واتخذوهم خلفاء له ، وحاكمين على أنفسهم ، وأئمة هداة دون غيرهم ، خصوصاً في المئة الاولى للهجرة وما بعدها من قرون ، لما تجزّأت الأمّة إلى مذاهب ونِحَل وفِرَق كثيرة ، ولا انقسمت إلى شيع متطاحنة ، إنْ في الاصول أو في الفروع ، ولا تفرّعت إلى مدارس اصولية وعقائدية وفقهية وفكرية متعدّدة.
٦ ـ لو أطاعت الأمّة بأجمعها ، رسول الله في أهل بيته ولم تتخذ سواهم خلفاء له ، لما طمع الكل حتى الطُلقاء واراذل الأمّة في التسلّط على رقاب المسلمين والتحكّم في مصائرهم ، والتلاعب بمقدراتهم ، وبذر الخلاف في أوساطهم ، إلى درجة أن طمع الكفار والمستكبرون في أرضهم ، فأحكموا قبضتهم عليهم ، وتفوقوا عليهم في كل شيء ، وأصبح المسلمون تَبعاً لهم وفي الدرجة الأخيرة من حيث الرقي العلمي والتكنولوجي والاقتصادي ، وحتى الاجتماعي.
٧ ـ ان ما حذّر منه رسول الله من معصيته وعدم مولاة واتِّباع أهل بيته ، قد حصل بالفعل ، وما هذا التقهقر والنزاع والضعف الذي أصاب جسد الأمّة من أقصاها إلى أقصاها ، إلا نتيجة تولّي معظم أبناء الأمّة لخلفاء من غير اهل البيت الذين أوصى بهم رسول الله طيلة فترة نزول الوحي في مكة المكرمة والمدينة المنورة.