النبوية تامة لا يعوزها شيء ، فلِمَ نحن بحاجة إلى سُنّة إضافية تكمل السُنّة النبوية وتملأ نواقصها؟
لا غرو أن مواقف الخليفة الأول والثاني وسياستهما المخالفة للسُنّة النبوية ، وآراءهما الشرعية التي كانت تتعارض مع السُنّة النبوية ، هي التي دفعت بعبد الرحمن بن عوف في الشورى التي شكّلها عمر بن الخطاب لانتخاب خليفة للمسلمين ، أن يشترط على المرشح للخلافة أن يتّبع ـ إضافة إلى السُنّة النبوية ـ سُنّة الخليفتين أبي بكر وعمر بن الخطاب.
ومن الطبيعي أن يرفض عليّ بن أبي طالب ، هذا الشرط ، لأنه شرط غير معقول ولا مشروع ، فما يُسمَّى بسُنّة الخليفتين ، هو في الحقيقة ، مجرّد أهواء وآراء شخصية لا تمت للدين بصلة ، ولذا رفض عليّ هذا الشرط المصادم للسُنّة النبوية ، بينما قبله الآخرون ، لأنه يحقق طموحاتهم في الحكم.
رفض عليّ الشرط اللامشروع ، لأنه يؤمن بالسُنّة النبوية فقط ، ولا يتعدّاها بأي حال من الأحوال ، بينما قبل عثمان بن عفان هذا الشرط ، وأضاف إلى «سُنّة» الخليفتين الأول والثاني ، «سُنّة» ثالثة.
٥ ـ لو كان رسول الله حضّ ـ فعلاً ـ على اتّباع سُنّة الخلفاء الراشدين ، علاوة على سُنّته، فينبغي احتذاء «سُنّة» الخلفاء الراشدين جميعاً ، لكننا نعلم بأن «سُنّة» الخليفة الأول ، تتفاوت مع «سُنّة» الخليفة الثاني ، وهاتان السُنّتان ، تتفاوتان مع «سُنّة» الخليفة الثالث ، وكذلك هذه «السُنن» الثلاث ، تتفاوت مع سُنّة الخليفة الرابع ، في العديد من جوانبها ، كما اتضح لنا من قبل ، فلسنا ندري كيف نتبع سُنتاً متعارضة في الوقت نفسه ، لأن هذا السلوك يفضي بالمسلمين إلى التخبّط في أعمالهم وممارساتهم ومواقفه ، بل وسيشعرون بالازدواجية في أعمالهم وأفعالهم ، وستصبح تصرّفاتهم متضاربة ، حسب تأسّيهم بسُنّة هذا الخليفة أو ذاك.