وأولويته صلىاللهعليهوآله في جميع الأمور ويجب على المسلمين أن يطيعوا رسول الله فوق طاعتهم لأنفسهم ، ويقدّموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم (١).
الرسول أحق بأن يختار ما دعا إليه من غيره ومما تدعوه إليه أنفهسم ، وان النبي أحق أن يحكم في الانسان بما لا يحكم به في نفسه لوجوب طاعته لأنها مقرونة بطاعة الله تعالى. وإذا دعاهم النبي إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء ، كانت طاعة النبي أولى ، وللرسول أن يحكم فيهم بما يشاء ، لأن أنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم والرسول يدعوه إلى ما فيه نجاتهم.
ولذا فإن النبي أوْلى من بعضهم ببعض في نفوذ حكمه فيهم ووجوب طاعته عليهم ، ألم يقل رسول الله : ما من مؤمن إلا أنا أولى به في الدنيا والآخرة؟ (٢).
ولما كان علي مولى لكل من كان رسول الله مولاه ، فيعني أن علياً أولى بنفس كل من رسول الله أولى بنفسه وبذلك تنتقل كل صلاحيات الرسول وأولويته لنفوس المسلمين ، إلى عليّ بداهة ، فيصبح عليّ حاكماً على نفوس المسلمين بأمرهم ، وعليهم أن يطيعوه في كل الأمور ، وبذلك تتضح خلافة عليّ وإمامته للأمّة جمعاء.
ويؤكد هذا الاستنتاج ، قول سبط ابن الجوزي بأن لفظة المولى في العربية ترد على ووجوه ، ومنها المولى المطلق ، وفي الصحاح : كل من ولي أمر أحد فهو وليه ، وأهم معنى لها هو الأوْلى بكم ، وإذا ثبت هذا ل م يجزْ حمل لفظة المولى في هذا الحديث على مالك الرق ، ولا على المُعتِق ولا على المُعتق ، ولا على الناصر لأن علياً كان ينصر من ينصره رسول الله ، ويخذل من يخذله ، ولا على ابن العم لأنه كان ابن عمه ، ولا على الحليف
__________________
(١) احكام القرآن ـ الجصاص ٣ : ٤٦٤ ـ ٤٦٥ ؛ تفسير البغوي ٥٠٧ : ٣.
(٢) فتاوى السبكي ٢ : ٢٣٢ ؛ نيل الاوطار ـ الشوكاني ٦ : ١٧٢.