الصحابة الآخرين الذين دائماً ما يغضب بعضهم على بعض أو يتشاتمون أو ينتقد بعضهم بعضاً ، ومع ذلك لم يدافع الرسول صلىاللهعليهوآله عن أحدهم أو يذود عنه كما ذاد ودافع عن عليّ ، بحيث ان أبا سعد الخدري قرّر عدم ذكر عليّ بسوء في سره وعلانيته ، لِما كان من تعظيم النبي لعلي بن أبي طالب؟ وإذا كان الأمر كذلك ، فلماذا قامت قيامة الكثير من الصحابة بعد وفاة الرسول على النيل من عليّ والتضييق عليه ومحاربته بالقول والفعل ، وشن الحروب ضده ولعنه صباحاً ومساءً ، بالرغم من دفاع الرسول عنه في حديث الغدير وغيره ، أليس هذا دليلاً على مدى حقد وضغينة الكثير من الصحابة على الذي عينه رسول الله مولى لكل المسلمين ، سواء كان مصطلح المولى ينص على الحاكمية على النفوس أو النصرة على اقل التقادير؟ وهي خيانة صريحة لله ولرسوله قبل أن تكون خيانة لعلي بن أبي طالب!!
وفي أثناء تتبعنا لقضية الغدير ومجرياتها ، خطر في ذهننا سؤال ملحّ مفاده : إذا كان آلاف الصحابة قد شهدوا واقعة الغدير ، واستوعبوا خطاب النبي محمد صلىاللهعليهوآله بخصوص ولاية عليّ للأمّة ، فلِمَ لم يرو حديث الغدير سوى عشرات ، من الصحابة ، أوصلهم بعض الباحثين إلى أكثر من مئة صحابي؟ فلماذا سكت الباقون ولم يشيروا أو يؤكدوا هذه الحقيقة ، بناء على أمر رسول الله بأن يبلغ الشاهد منهم الغائب ، بما سمعه من وصايا بحق عليّ بن أبي طالب؟
لكننا سرعان ما استنتجنا بأن الصحابة الذين كتموا هذه الواقعة ، وتستّروا عليها ، كانوا بين حاسد لعلي وحاقد علي هلما يتمتع به من مكانة سامية لدى الله ورسوله ، وبين خائف يخشى سطوة السلطان ووسائله القمعية ، ويُنقل عن زياد بن المنذر بأنه كان عند أبي جعفر محمد بن علي وهو يحدّث الناس ، إذ قام إليه رجل من أهل البصرة ، يُقال له : عثمان الأعشر ـ كان يروي عن الفقيه الحسن البصري ـ فقال له : يا ابن رسول الله