الهمداني ، والحاكم الحسكاني ، والفخر الرازي ، وأبو نعيم الاصفهاني ، والشوكاني الذي نقل عن عبد الله بن مسعود أنه قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله : يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك ان علياً مولى المؤمنين ، وان لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس (١).
إذاً ، حادثة الغدير ، حقيقة تأريخية مؤكدة ، لا يشكك بوجودها أو ينكر حدوثها إلا مرضى القلوب ، الذين لا يروق لهم رؤية رسول الله وهو يوصي الأمة بعليّ ووجوب موالاته ونصرته وعدم خذلانه ، ولذلك عملوا ما في وسعهم لتكذيبها بالرغم من انها كالشمس في رائعة النهار.
أما قول بعض المؤرخين بأن واقعد الغدير إنما جرت لازالة الجفوة التي حصلت بين بعض الصحابة وعلي بن أبي طالب في اليمن حيث كان يقود جيشاً من أهل المدينة ، مبعوثاً من قبل رسول الله ، فحدثت مشادة بين علي وبعض الصحابة الذين أرادوا استعمال إبل الصدقة ، ورفض علي استعمالها لأنها ملك كل المسلمين ، ما أدّى إلى غضب بعض الصحابة على عليّ وشكوه إلى رسول الله في المدينة ، فغضب عليهم الرسول ، وأنّبهم على كلامهم في عليّ ، إلى حد أن ضرب على فخذ أبي سعيد الخدري الذي قال في نفسه : ثكلتك أمك يا سعد الا تراني كنت فيما يكره علياً منذ ذلك اليوم ، وما أدري لاجرم والله لا أذكره بسوء أبداً سراً ولا علانية (٢) ، فإنما هي اعترافات تدلّ على مدى حرص رسول الله على تحذير الصحابة من المساس بعليّ وانتقاصه مهما كانت مواقفه منهم ، وهي : دلالة واضحة جداً على أن لعليّ مكانة عند رسول الله دون
__________________
(١) فتح القدير ـ الشوكاني ٢ : ٦٠.
(٢) دلائل النبوة ـ البيهقي ٥ : ٣٩٩.