عثمان وجمع القرآن
ما هي حقيقة جمع الخليفة عثمان بن عفّان للقرآن الكريم ، كما يقول أهل السُنّة والجماعة والكبار في مدرستهم؟ وهل هي مزية امتاز بها أو فضيلة تُحسب له؟
بعد البحث والتحقيق ، توصّلنا الى ما يلي :
أخبر الصحابي حذيفة بن اليمان الخليفة عثمان بأن يدرك الناس ، فقد غزا ارمينية ، فاذا أهل الشام يقرأون بقراءة أبي بن كعب ، فيأتون بما لم يسمع أهل العراق ، واذا أهل العراق يقرأون بقراءة عبد الله بن مسعود ، فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فيكفّر بعضهم بعضاً (١).
ومن الملاحظ ان علياً قال بأن عثمان ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منّا ، وكان عثمان قد جمع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون فرق ولا اختلاف.
فاذاً القضية لا تتعدى اختلاف قراءات فحسب ، فقد حدث أثناء خلافة عثمان بن عفان نزاع بين أهل العراق وأهل الشام على قراءة بعض السور ، وتخوّف الناس من فتنة قد تنشأ من اختلاف اللهجات والقراءات.
إذ عمل الفريق الذي كُلّف بمراجعة ونسخ المصاحف عن نسخة الرسول الاصلية أيام عثمان مدة خمس سنين ، تم خلالها كتابة المصاحف ، ثم ردّ عثمان الصحف الى حفصة ، وهي نفس نسخة أبي بكر الأصلية ، وأرسل الى كل جند من أجناد المسلمين ، وقد احتفظ عثمان بمصحف منها لأهل المدينة ومصحف لنفسه ، وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف الذي أُرسل اليهم (٢).
__________________
(١) فتح الباري ـ ابن حجر ٩ : ١٥ ؛ عمدة القاري ـ العيني ٢٠ : ١٨.
(٢) السنن الكبرى ـ البيهقي ٢ : ٤٢ ؛ تاريخ الاسلام ـ الذهبي ٣ : ٤٧٧ ؛ عمدة القاري ـ العيني ٢٠ : ١٨.