كما يقول صلىاللهعليهوآله : أيحسب أحدكم متكأ على أريكته يظنّ ان الله لم يحرّم شيئاً إلا ما في هذا القرآن ، ألا واني والله لقد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء ، انها لمثل القرآن أو أكثر.
وهذا الحديث النبوي إنما يشير الى رجال وخلفاء يأتون من بعده ، يدعون الناس الى التمسك بالقرآن الكريم فحسب ، ويمنعونهم من تداول السُنّة النبوية بأي حجة من الحجج ، وينطبق بالتأكيد على الخليفة أبي بكر لأن عبارة النبي وأبي بكر ، متشابهتان ، ان لم يكونا متطابقتين ، وليس لأحد ان يحاول تبري الموقف المتخذ من الخليفة الأول من خلال ذرائع وهمية لا تصمد في دفاعها عن مسلك الخليفة أبي بكر المضاد لتدوين الحديث وتداوله بين المسلمين.
وقد التفت بعض الباحثين والمؤرخين الى هذه المسألة فاعترف بأنها من أعظم دلائل النبوة ، وأوضح اعلامها (١) ، وهو يقصد بذلك ، الإبلاغ النبوي لواقعة منع تدوين السُنّة النبوية من قبل الخليفة أبي بكر ، ومن جاء بعده. أما دفاع البعض عن موقف الخليفة الاول وتبرير موقفه ، والادعاء بأن الرسول انما أراد بقوله : «متكأ على أريكته» ، هم أصحاب الترف والدعة ، الذين لزموا البيوت ، ولم يطلبوا العلم من مظانه (٢) ، فهي حجة داحضة لم تُصبْ الحقيقة أبداً ، لأن الخليفة أبا بكر ، لم يقصد ذلك البتة ، وإنما كان مُراده من المنع بأن القرآن كافٍ لمعرفة الحلال والحرام.
وبالفعل فقد أكد البيهقي ، إشارة إلى إخباره «عليه الصلاة والسلام» بشبعان على أريكته ، يحتال في ردّ سُنّته ، بالإحالة الى ما في القرآن من الحلال والحرام دون السُنّة :
__________________
(١) دلائل النبوة ، البيهقي ١ : ٢٤.
(٢) تفسير القرطبي ١ : ٣٨ ؛ دفاع عن السنة ـ محمد ابي شهبة : ١٥.