يدعو الى البحث عن الأمناء من الصحابة لتدوين السُنّة لا منعها منعاً باتاً ، ثم ان الأمر الحازم من الخليفة ابي بكر بأن يكون القرآن معياراً للحلال والحرام ، سيوجّه ضربة قاصمة للحديث النبوي ويجعله عبثاً ولا قيمة له ، فلماذا يا ترى دعا النبي للتمسك بالقرآن والسُنّة النبوية معاً ، كي لا يضل المسلمون بعده أبداً؟
وهل بمقدور المسلم الاعتماد على القرآن فقط في تبيان الحلال والحرام؟
وإن تَعْجب فالعجب قول الذهبي الذي يحاول أن يبرّر الموقف المتخذ من قبل الخليفة أبي بكر بالقول : بأن مراد الخليفة ، التثبّت في الأخبار ، والتحرّي لا سدّ باب الرواية ... ولم يقتل : «حسبنا كتاب الله» (١).
والحقيقة ان الخليفة أبا بكر لم يُرد التثبّت والتحرّي عن الحديث الصحيح ، وإلا لأكد ذلك للمسلمين ونَقَلة الحديث النبوي ، وانما حصر الحلال والحرام في كتاب الله لا غير ، ولا ندري ما الفرق بين «بيننا وبينكم كتاب الله» وبين «حسبنا كتاب الله»؟ فالعبارتان تعنيان ان القرآن الكريم هو الفيصل في الأمور والحاكم والبديل عن السُنّة النبوية ويغني عنها ، وبالتالي لا حاجة للسُنّة النبوية بوجود القرآن الكريم؟
ولابد في هذا المجال ، الاشارة الى قول النبي صلىاللهعليهوآله بأنه أُوتي القرآن الكريم ومصله معه ، فيوشك رجل يجلس على أريكته ويقول للناس عليهم بالقرآن ليحلّوا حلاله ويحرّموا حرامه ، أو يقول بعد أن يأتيه أمر النبي أو نهيه ، بأنه لا يدري فما وجده في كتاب الله اتّبعه (٢).
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ : ٣.
(٢) سند احمد ٤ : ١٣١ ؛ سنن ابي داود ٢ : ٣٩٢.