فكان كما أخبر النبي ،وقد ابتدع من ابتدع وظهر الضرر (١) ، وعمّ الانحراف في سائر نواحي الحياة الاسلامية ، وبرزت البدع والفِرَق المُختلفة بسبب الاعتماد على القرآن دون السُنّة النبوية التي بقيت بغير تدوين لأكثر من قرن كما يؤكد جهابذة أهل السُنّة والجماعة.
أبو بكر وجمع القرآن
من الأمور التي يرددها الجمهور دائماً في أوساطه الشعبية والدينية ، هي جمع الخليفة أبي بكر للقرآن الكريم ، والحديث الذي يستند اليه في تأكيده على جمع الخليفة الاول للقرآن ، هو الذي ينقله صحيح البخاري ومفادّه ان عمر بن الخطاب ذهب الى الخليفة أبي بكر وطلب منه جمع القرآن ، فأجابه أبو بكر بأنه كيف يفعل شيئاً لم يفعله رسول الله الا وهو جمع القرآن. ثم أذعن أبو بكر في النهاية ، وطلب من زيد بن ثابت ، القيام بالمهمة ، وقال زيد بأنه تتبع القرآن يجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال (٢).
ونستنتج من هذه الرواية التي يعدّها أهل السُنّة من اصح الروايات ، لأن الذي يرويها هو البخاري الذي يَعدّ صحيحه أصح الكتب بعد كتاب الله ، ونخلص بأن النبي صلىاللهعليهوآله لم يجمع القرآن ، وإنما تركه موزّعاً هنا وهناك ، ومبثوثاً في هذه الرفعة أو تلك ، بل وبعضه محفوظ في صدور الرجال من الصحابة الذين ربما يموتون في أي لحفظة ، ويذهب سرّ الآيات والسور المحفوظة في الصدور الى الأبد ، ولَستُ أعلم كيف يرضى
__________________
(١) دلائل النبوة ٦ : ٥٤٩.
(٢) صحيح البخاري ٦ : ٩٨ ؛ الاتقان في علوم القرآن ١ : ١٦١.