وقد انقدح بما ذكرنا : تصوير النزاع على ما نسب الى الباقلاني ، وذلك : بان يكون النزاع في ان قضية القرينة المضبوطة التي لا يتعدى عنها ، الّا بالاخرى الدالة على اجزاء المأمور به وشرائطه هو تمام الأجزاء والشرائط ، او هما في الجملة ، فلا تغفل (١).
______________________________________________________
وايضا يكون على مدعي الغلبة اثباتها. وهناك تصوير ثالث ذكر في تقريرات الشيخ الاعظم ، لا يلزم منه سبك المجاز بالمجاز. فليراجع ، مع ما يمكن ان يقال فيه.
(١) لا يخفى أن الباقلاني حيث يدعي استعمال هذه الالفاظ في معانيها اللغوية ، والخصوصيات مستفادة من دال آخر ، لا بد وان يكون النزاع بين الصحيحي والأعمي في ذلك الدال وهو القرينة المستفادة منها الخصوصيات ، واذا كانت القرينة الدالة على الخصوصيات : وهي الأجزاء والشرائط مبينة ، ومفصلة فلا وجه للنزاع ، وإنما يتأتى النزاع فيما اذا كانت القرينة الدالة على الاجزاء والشرائط مجملة ، مدلولها معنى واحد ، فالصحيحي يدعي انه الجامع الصحيحي ، والأعمي يدعي انه الجامع الأعمي ، فانه اذا لم يكن مدلولها معنى واحدا ، لا يبقى للتمسك بالاطلاق ، وعدمه مجال ، الذي هو المهم في ثمرة هذا النزاع.
ولا يخفى : انه على هذا لا يكون النزاع في هذه الالفاظ ، بل فيما هو خارج عنها وهو القرينة الدالة على الأجزاء والشرائط. وقد عرفت : عدم تأتي النزاع فيما كانت القرينة دالة على الأجزاء والشرائط تفصيلا ، وانما يتوهم النزاع فيما كانت مفهوما مجملا قابلا للانطباق على الصحيح وعلى الاعم ، فمدعي الصحيح يدعي انها هي الصحيح ، ومدعي الاعم يدعي العكس.
الّا انه على هذا أيضا تنتفى الثمرة المترتبة على الاعم : من التمسك بالاطلاق ، وعلى الصحيح من عدم التمسك ، فان هذه الثمرة إنما تأتى فيما اذا كان اللفظ موضوعا لمعنى بسيط ، يدعي الاعم انه هو الجامع ، ويدعي الصحيحي انه هو الصحيح ، لا فيما كان مفهوما عاما قابلا للانطباق ، فانه لا بد من الاخذ بما هو القدر