.................................................................................................
______________________________________________________
ويحتمل ان يكون مراده نحوا آخر من الاستدلال.
وحاصله : انه لا شبهة في ان الحمل والاسناد في هذه الجمل لا تصرف فيه بالتجريد مع انه لو كانت الالفاظ موضوعة للمعاني المتقيدة بالارادة للزم التجريد والتصرف. فعدم التجريد والتصرف في مقام الاستعمال دليل على ان الموضوع له هو نفس المعنى ، لان المستعمل فيه في هذه الجمل هو المعنى الموضوع له. فاتضح حينئذ ان الموضوع له لم يتقيد بالارادة.
ويلزم ايضا ، أن تكون عامة الالفاظ لو كانت الارادة قيدا للمعاني موضوعة بالوضع العام والموضوع له الخاص ، لما عرفت ـ فيما تقدم ـ : من أن الارادة التي هي قيد للمعنى هي حقيقة الارادة بالحمل الشائع ، فيكون الموضوع له هو المعنى المتقيد بالارادة الخاصة للمتكلم ، وهذه الارادات النفسانية لا جامع لها بما هي موجودة ، ونسبة مفهوم الارادة اليها نسبة العنوان الى المعنون ، فيكون المتصور حال الوضع عنوان الارادة ، والموضوع له هو المعنون وهي حقيقة الارادة ، وقد اشار الى هذا بقوله : «مع انه يلزم كون وضع عامة الالفاظ عاما ... الخ».
فتحصل من جميع ما ذكرنا : ان الموضوع له في الالفاظ هو المعاني من دون قيد الارادة : أي ان الواضع اعتبر العلقة بين طبيعي اللفظ وطبيعي المعنى من دون تقيده بكونه مرادا ، فعند حصول اللفظ يخطر المعنى في ذهن السامع لجعل العلقة والملازمة ولو لم يكن متكلم في البين ، بل كان حصول اللفظ من جماد ونحوه ، فالدلالة التصورية غير مقيدة بالارادة.
نعم ، المتقيدة بالارادة هي الدلالة التصديقية ، وقد عرفت ـ في الامر الرابع ـ توقفها على شعور المتكلم وارادته ، واحراز السامع انه بصدد البيان والافادة.
وينبغي ان يكون مراد العلمين : من تبعية الدلالة للارادة هي تبعية الدلالة التصديقية لها ، لا التصورية لما تقدم من البراهين القاضية بعدم تقيد المعنى الموضوع له بالارادة ، وتوقف الدلالة التصديقية على الارادة واضح لأنها من اجزاء علتها ،