فافهم (١).
قلت : مضافا إلى أن مجرد الاستبعاد غير ضائر بالمراد ، بعد مساعدة الوجوه المتقدمة عليه ، إن ذلك إنما يلزم لو لم يكن استعماله فيما انقضى بلحاظ حال التلبس ، مع أنه بمكان من الامكان ، فيراد من جاء الضارب أو الشارب وقد انقضى عنه الضرب والشرب جاء الذي كان ضاربا وشاربا قبل مجيئه حال التلبس بالمبدإ ، لا حينه بعد الانقضاء ، كي يكون الاستعمال بلحاظ هذا الحال ، وجعله معنونا بهذا العنوان فعلا بمجرد تلبسه قبل مجيئه ، ضرورة أنه لو كان للاعم لصح استعماله بلحاظ كلا الحالين (٢).
______________________________________________________
(١) ربما يكون اشارة الى ان كون وجود طبيعي المعنى المجازي اكثر لا يلازم كثرة الاستعمال ، والمدار في حكمة الواضع ان يضع لما هو اكثر استعمالا : بان تكون الحاجة الى الاستعمال فيه اكثر.
(٢) اجاب عن اشكال ان قلت بجوابين :
الاول : ان مجرد الاستبعاد لا يقاوم الادلة المتقدمة الموجبة للقطع بالوضع لخصوص المتلبس ، وان كون الواضع حكيما لعله مبني على ان الواضع هو غير العرب في اللغة العربية ، كما يدعى بعضهم : ان واضع اللغات هو الله تبارك وتعالى ، او الانبياء من طريق الوحي ، أو الالهام ، وربما يقال : ان هذه مجرد دعوى لم يقم عليها برهان ، بل الوجدان شاهد : بان منافي الحكمة في الاوضاع اللغوية من اللغة العربية وغيرها مما لا ينكر.
وعلى فرض الالتزام بحكمة الواضع مطلقا حتى على فرض كونه من العرب ، فلعله لم يكن ملتفتا الى ان هذا المعنى المجازي الحاجة الى الاستعمال فيه اكثر من المعنى الحقيقي.