لا يقال : على هذا يمكن تداخل علمين في تمام مسائلهما ، فيما كان هناك مهمان متلازمان في الترتب على جملة من القضايا لا يكاد انفكاكهما (١).
______________________________________________________
(١) حاصله : انه إذا كان المميز والمفرد بالتدوين للعلم هو الغرض يمكن ان يترتب على جملة من المسائل المتحدة موضوعا ومحمولا غرضان ، كمسألة مقدمة الواجب ، ومسألة اجتماع الامر والنهي ـ مثلا ـ فانه يترتب عليهما غرض علم الكلام ، وغرض علم الاصول ، فان علم الكلام يبحث عن اصول المبدأ والمعاد ، والامر والنهي من احوال المبدأ ، ويترتب عليهما استنباط حكم مقدمة الواجب من حيث الوجوب وعدمه ، وصحة الصلاة في الدار المغصوبة ، بناء على جواز الاجتماع وعدمه ، فالغرض المترتب عليها في علم الكلام هو نفس صحة اجتماع الامر بالصلاة والنهي عن الغصب فيمن صلى في الدار المغصوبة ، فيكون مطيعا وعاصيا بشيء واحد ، بناء على جواز الاجتماع ، وعدم صحة توجه الامر والنهي اليه ، بناء على الامتناع. والغرض المترتب عليها في علم الاصول هو صحة الصلاة وانها مسقطه للقضاء والاعادة ، بناء على الاجتماع ، وعدم صحة الصلاة ولا بد من القضاء أو الاعادة ، بناء على الامتناع. فلو كان هناك جملة من المسائل كهاتين المسألتين يترتب عليهما غرضان فهي بحسب كل غرض علم على حدة ، فلازم ذلك تدوينها في محلين ، وصحة البحث عنها في مقامين ، وعدم صحة افرادها بالتدوين ، والبحث عنها في مقامين مما لا شبهة في قبحه عند العقلاء ، بل محاليته ، للزوم تحصيل الحاصل فانه بالبحث عنه في مقام واحد يحصل الغرضان ، لأن المفروض ترتبهما على نفس المسائل ، وبعد حصول الغرض لا وجه للتدوين والبحث عنه في مقام آخر. ومن الواضح ان هذا الاشكال : وهو جواز التداخل في جميع المسائل إنما يرد اذا كان المميز للعلم هو الغرض ، وأما إذا كان المميز هو نفس المسائل فلا يرد ، لانه لا يكون هناك علمان ليتداخلا فيرد الاشكال ، بل هو علم واحد يترتب عليه غرضان.