يا حسن ؛ فقال : ما أراق أمير المؤمنين من دماء المسلمين أكثر! قال : أوساءك ذلك؟ قال : نعم. قال : فلا زلت مسوّأ. قالوا : فما زال الحسن عابسا قاطبا مهموما إلى أن مات (١).
هذا كل ما قيل بشأنه دليلا على انحرافه عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، لكنها روايات لا إسناد لها ، فضلا عما بينها من تهافت وتضارب ، وقد أنكرها ابن أبي الحديد بشدّة على ما سنذكر.
قلت : ولحسن الحظّ أن واضع هذه الروايات قد ذهب عنه أن الحسن ـ وهو غلام يافع ـ لم يكن له شأن ذلك اليوم ، ولم يكن حاضر البصرة يوم الجمل ، ولم يخرج إلى العراق بعد ، إلّا في أيام طعن في السّنّ وكبر ، أيّام عبد الملك بن مروان وما بعده. كما يظهر من رواية الورّاق : كان جابر بن زيد رجل أهل البصرة ، فلما ظهر الحسن جاء رجل كأنما كان في الآخرة (٢). وجابر بن زيد توفّي سنة (٩٣ أو ١٠٣) كان الحسن عند مقتل عثمان لم يبلغ الحلم. قال ابن سعد :
كان للحسن يومذاك أربع عشرة سنة. قال أبو رجاء : قلت للحسن : متى عهدك بالمدينة؟ قال : ليالي صفّين. قلت : متى احتلمت؟ قال : بعد صفّين عاما (٣). وقال ابن حبّان : احتلم سنة (٣٧) ، وأدرك بعد صفين (٤).
وعليه فكان يوم الجمل غلاما حوالي البلوغ ما بين (١٤ ـ ١٥) سنة ، فضلا
__________________
(١) شرح النهج ، ج ٤ ، ص ٩٥ ـ ٩٦.
(٢) تهذيب التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٦٤.
(٣) طبقات ابن سعد ، ج ٧ ، ق ١ ، ص ١١٤.
(٤) تهذيب التهذيب ، ج ٢ ، ص ٢٧٠.