السفر. فمقتضى قواعد علم الأصول ، عدم جواز الإتمام ؛ لأن الصلاة عبادة ، وهي توقيفيّة ، ولم يعلم مشروعية التمام في السفر ، لا من الآية ولا من فعل الرسول وصحابته الأخيار ، فمقتضى القاعدة عدم الجواز.
لأن الشكّ دائر بين التعيين والتخيير ، والشكّ في التكليف في مقام الامتثال ، يقتضي الأخذ بالاحتياط ، الذي هو القصر في الصلاة ؛ إذ يشكّ في مشروعية ما زاد على الركعتين ، ولا تصح عبادة مع الشكّ في مشروعيتها.
ثالثا : إن الإمام عليهالسلام لم يتعرض للخوف الذي جاء شرطا في الآية ، فكأنه عليهالسلام فهم أنه موضوع آخر مستقل موضوع السفر ، وليس قيدا فيه. فالخوف بذاته سبب مجوّز للتقصير ، كما أن السفر أيضا سبب ، ولا ربط لأحدهما بالآخر.
فالآية وإن كانت ظاهرة في القيد ، وأنّ أحدهما قيد للآخر ، لكن فعل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه وسائر الأئمّة ، دلّنا على هذا التفصيل ، وأن كلا منهما موضوع مستقل لجواز القصر. وهكذا فهم الإمام عليهالسلام ، وفهمه حجّة علينا بالإضافة إلى عمل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الثالث ـ آية الخمس
قال تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى)(١).
نزلت هذه الآية بعد واقعة بدر ؛ حيث لم يخمّس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غنائم بدر. قال عبادة بن الصامت : فاستقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمسلمين الخمس فيما كان من كل غنيمة بعد بدر (٢) ، وهي عامّة تشمل كل الغنائم الحربية. عن ابن
__________________
(١) الأنفال / ٤١.
(٢) الدر المنثور ، ج ٣ ، ص ١٨٧. والطبري ، ج ١٠ ، ص ٣.