فالتفسير ليس مجرد كشف القناع عن اللفظ المشكل ، بل هو محاولة إزالة الخفاء في دلالة الكلام ، فلا بدّ أن يكون هناك إبهام في وجه اللفظ ؛ بحيث ستر وجه المعنى ، ويحتاج إلى محاولة واجتهاد بالغ حتى يزول الخفاء ويرتفع الإشكال.
وهذا هو الفارق بين التفسير والترجمة ؛ لأنها حيث كان الجهل باللغة وعدم معرفة الوضع الذي يرتفع بمراجعة كتب اللغة المعروفة ، وليس في ذلك كثير جهد وعناء.
الحاجة إلى التفسير
ما وجه الحاجة إلى تفسير القرآن ، وقد أنزله الله نورا وهدى وبصائر للناس وتبيانا لكل شيء ، (١) كما أنّه جاء ليكون بنفسه أحسن تفسيرا (٢) ، فهل هناك حاجة إلى تفسير؟
نعم أنزل الله الكتاب ليكون بذاته بيانا للناس عامة وتفصيلا لكلّ شيء ، (٣) غير أن بواعث الإبهام أمر عارض ، ولعله كان من طبيعة البيان القرآني ، جاء
__________________
(١) قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) النساء / ١٧٤.
(هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران / ١٣٨.
(هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) الجاثية / ٢٠.
(وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) النحل / ٨٩.
(٢) (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) الفرقان / ٣٣ ، أي أحسن بيانا وتوضيحا.
(٣) (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً) الأنعام / ١١٤ ، (وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ) يونس / ٣٧.