وكذا قوله : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ)(١) أي هكذا قدر في علمه تعالى المكنون (٢).
وهكذا ذكر الطبرسي وغيره في تفسير قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)(٣) أنه إشارة إلى مقامه الرفيع عند الله ، وقد جرى في علمه تعالى أنه محفوظ عن مناوشة المناوئين.
قال سيد قطب : «(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) : كريم بمصدره ، وكريم بذاته ، وكريم باتجاهاته. في كتاب مكنون : مصون ، وتفسير ذلك في قوله تعالى بعده : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ). فقد زعم المشركون أن الشياطين تنزّلت به ، فهذا نفي لهذا الزعم. فالشيطان لا يمسّ هذا الكتاب المكنون في علم الله وحفظه ، إنما تنزل به الملائكة المطهرون ؛ ولذلك قال ـ بعدها ـ : (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، أي لا تنزيل من الشياطين» (٤).
هل يعلم التأويل غير الله؟
سؤال أثارته ظاهرة الوقف على (إِلَّا اللهُ) من قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) ثم الاستئناف لقوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا)(٥).
وما ورد في بعض الأحاديث من اختصاص علم التأويل بالله تعالى ، وأنّ
__________________
(١) البروج ، ٢٢.
(٢) راجع : تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد ، ص ٢٩. والفخر الرازي ، ج ٢٣ ، ص ٦٦ وج ٢٨ ، ص ١٥٢.
(٣) الواقعة / ٨٠.
(٤) في ظلال القرآن ، ج ٧ ، ص ٧٠٦. وراجع : المجمع ، ج ٩ ، ص ٢٢٦.
(٥) آل عمران / ٧.