٥ ـ وكذلك إذا ترجم قوله تعالى : (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ)(١) بما يقوله بعض المفسرين (٢) ، ذهب المعنى المستفاد من الآية ، وهو كرويّة الأرض ؛ لأنّ تكوير الضوء أو تقوّسه يستلزم تكوير المضاء وتقوّسه ؛ لأنّ النور والظلمة إنما يتشكّلان بأشكال الجسم الواقعين عليه. فلو ترجمت الآية بذلك المعنى (التغشية) ثم دلّتنا الأدلة على صحة المعنى الثاني ، لكنّا قد خسرنا معجزة من معجزات القرآن.
قال الأستاذ الشاطر : إني لأخشى أن ينطبق علينا الحديث الشريف : «لتتّبعنّ سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضبّ خرب لاتّبعتموهم.
قيل : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اليهود والنصارى؟ قال : فمن؟!» (٣)
دفاع حاسم
ولقد أحسن الأستاذ محمد فريد وجدي الدفاع عن «مشروع ترجمة القرآن إلى اللّغات الأجنبيّة» وأجاب عن اعتراض الأستاذ (الشاطر) قائلا : نحن نعتقد أنّ القرآن كتاب لا تنقضي عجائبه ولا يدرك غوره ، كما يعتقد الأستاذ (الشاطر) ولكنّا لا نذهب بالغلوّ في هذا المعنى إلى درجة التعطيل ، واعتباره طلسما تضلّ العقول في فهمه ، ولا تصل منه إلى حقيقة ثابتة. فإنّ هذا الفهم يصطدم بالقرآن نفسه ، فقد وصفه في غير آية بأنه آيات بيّنات ، وبأنه منزل ليتدبّر الناس هذه الآيات ، حتى
__________________
(١) الزمر / ٥.
(٢) فسروا «التكوير» بمعنى التغشية.
(٣) أخرجه مسلم ، ج ٨ ، ص ٥٧. راجع القول السديد ، ص ٢١ ـ ٢٦.