وبعد العمل به (١).
وأما الوسط الذي اختاره ، وأن الذي لم يبيّنه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من القرآن : هو ما استأثر الله بعلمه ، كقيام الساعة ، وحقيقة الروح ، وما يجري مجرى ذلك من الغيوب التي لم يطلع الله عليها نبيّه ... (٢) فشيء غريب! إذ لم نجد في معاني القرآن ما استأثر الله بعلمه ، ولو كان لكان الأجدر عدم إنزاله ، والكفّ عن جعله في متناول الناس عامّة. وقد تعرّض المفسرون لتفسير آي القرآن جميعا حتى الحروف المقطعة ، فكيف يا ترى خفي عليهم أن لا يتعرضوا لما لا يريد الله بيانه للناس؟!
إذن فالصحيح من الرأي هو : أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد بيّن لأمته ـ ولأصحابه بالخصوص ـ جميع معاني القرآن الكريم ، وشرح لهم جلّ مراميه ومقاصده الكريمة ، إما بيانا بالنص ، أو ببيان تفاصيل أصول الشريعة وفروعها ، ولا سيما إذا ضممنا إليه ما ورد عن الأئمّة من عترته ، في بيان تفاصيل الشريعة ومعاني القرآن ، والحمد لله.
حجم المأثور من تفاسير الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
قد يستغرب البعض إذ يجد قلّة في التفسير المأثور عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنصّ! لكن ، لا موضع للاستغراب بعد الذي قدّمنا ؛ أوّلا : وفرة الوسائل لفهم معاني القرآن حينذاك ، ثانيا : جلّ بيانات الشريعة كانت تفسيرا لمبهمات القرآن وتفصيلا لمجملاته.
__________________
(١) هامش مقدمة ابن تيميّة في أصول التفسير ، ص ٦.
(٢) التفسير والمفسّرون ، ج ١ ، ص ٥٦ و ٥٧.