قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً)(١) ، وقال : (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ)(٢).
أوجه التفسير
أخرج الطبري بعدّة أسانيد إلى ابن عباس ، قال : التفسير أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذّر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلّا الله تعالى (٣).
قال الزركشي ـ في شرح هذا الكلام ـ : وهذا تقسيم صحيح :
فأما الذي تعرفه العرب ، فهو الذي يرجع فيه إلى لسانهم ؛ وذلك شأن اللغة والإعراب.
فأما اللغة ، فعلى المفسّر معرفة معانيها ، ومسمّيات أسمائها ، ولا يلزم ذلك القارئ. ثم إن كان ما تتضمّنه ألفاظها يوجب العمل دون العلم ، كفى فيه خبر الواحد والاثنين ، والاستشهاد بالبيت والبيتين. وإن كان مما يوجب العلم ، لم يكف ذلك ، بل لا بدّ أن يستفيض ذلك اللفظ ، وتكثر شواهده من الشعر.
وأما الإعراب ، فما كان اختلافه محيلا للمعنى ، وجب على المفسّر والقارئ تعلّمه ، ليتوصّل المفسّر إلى معرفة الحكم وليسلم القارئ من اللّحن. وإن لم يكن محيلا للمعنى ، وجب تعلّمه على القارئ ليسلم من اللحن ، ولا يجب على المفسّر ؛ لوصوله إلى المقصود دونه ، على أن جهله نقص في حقّ الجميع.
إذا تقرّر ذلك ، فما كان من التفسير راجعا إلى هذا القسم ، فسبيل المفسّر
__________________
(١) الأنفال / ٢٩.
(٢) البقرة / ٢٨٢.
(٣) تفسير الطبري ، ج ١ ، ص ٢٦.