بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ، محمد وآله الطّاهرين.
قال تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ)(١).
كان المسلمون في عهدهم الأوّل يفهمون القرآن على خالصته ، ويستسيغون معانيه على بساطتها الأولى ، صافية نقيّة عن كدر الأوهام والدخائل ؛ إذ كان قد نزل بلغتهم وعلى أساليب كلامهم الفصيح البليغ ، كانوا يتلقّونه غضّا طريّا ، ويجيدون فهمه عذبا رويّا.
ولئن كادت تكون لهم وقفات عند مبهمات التعابير ؛ لدقّتها ورقّة معانيها ، فإنّ الوقفة لم تكن لتطول بهم ؛ حيث الرسول ـ وهو الذريعة العليا والوسيلة الكبرى للوصول إلى فهم الشريعة في جميع مناحيها ـ في متناولهم القريب ، فكان يبيّن لهم إذ ذاك ما خفي على أفهامهم أو دقّ عن أذهانهم ؛ إذ كان عليه البيان ، كما كان عليه البلاغ ، قال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(٢).
__________________
(١) النحل / ٨٩.
(٢) النحل / ٤٤.